ثقافة ومجتمع
12 كانون الثاني 2016, 09:33

وتجري المياه.. بما لا يشتهي المواطن!

يعتبر لبنان من أهم مصادر المياه في شرقي البحر المتوسط إذ يجري فيه حوالي 40 مجرى مائي، كما يشتهر لبنان بتنوّع أنهاره السّاحلية والداخلية. وتشير الإحصاءات إلى أن قيمة المياه المتجددة في لبنان تبلغ 4.8 كلم3 ، أما قيمة المياه السّطحية فتبلغ حوالي 4.1 كلم3 ، وتتجدد المياه الجوفية بمعدل 3.2كلم3 تشكل 2.5كلم3 منها مياه الأنهار ما يكفل تدفقها على مدار السنة في 17 نهراً لبنانياً.

 

ثروة لبنان المائية هذه جعلته محوراً للنزاعات إقليمياً، فالعديد من الحروب التي شُنّت على هذا البلد كان هدفها السّيطرة على مياهه، ولكن الحرب الأبرز على المياه اليوم هي الحرب التي يخوضها المواطنون اللبنانيون للحصول على حاجتهم اليومية من هذه الثروة.

في بلد يتغنّى بوفرة المياه ما زال المواطنون يعانون من شحّها بسبب انقطاعها الدائم. وعندما تساءل الدولة عن أسباب هذا الشح، لا تتردد مؤسسات المياه بتعداد حجج وأسباب باتت بالية ومكرّرة: تناقص هطول الأمطار، إهتراء شبكات المياه الصّغيرة، أعطال طارئة.. ولكن من المسؤول عن تصليح هذه الأعطال؟ وكيف يمكن القبول  بمثل هذه الحجج ما دام تأمين هذه الخدمات واجب من واجبات الوزارات والمؤسسات المعنية؟

" مصائب قومٍ عند قوم فوائد": مثل ينطبق على شركات توزيع المياه، فالأخيرة وجدت في معاناة المواطن الفرصة الذهبية للمتاجرة بهذه المادة الطبيعية، فتتراوح أسعار ليترات المياه بين العشرين والثلاثين ألف ليرة لبنانية لكل مئتي ليتر.

هذا وتتأخر الشّركات بعملية تعبئة الخزّانات بسبب إرتفاع الطلب عليها، فهل يجوز أن يدفع المواطن ثمن الخدمات أكثر من مرّة؟ وهل من المقبول أن تُستغلّ الثروات الطبيعية بهذا الشكل الفاضح؟

قد يكون الحلّ الأنسب لهذه الأزمة إنشاء السّدود لتأمين نسبة مياه كافية للمناطق اللبنانية كافة على مدار السّنة، ولكن عندما يغلب الفكر المناطقي على وزرائنا هل من الممكن أن نأمل بتنفيذ مشاريع كهذه على مستوى الوطن كلّه؟

ثلاثة عشر وزيراً استلموا حقيبة الطّاقة والمياه منذ انتهاء الحرب الأهلية، وحتّى السّاعة لم توضع خطة مائية شاملة تعفي اللبناني من عبء تأمين المياه اليومي.

ومع الأمل بإيجاد حلول عاجلة لهذه الأزمة المخجلة، يطرح السؤال نفسه: إلى متى ستذهب ثرواتنا سُداً؟