ثقافة ومجتمع
18 كانون الأول 2015, 14:36

هجرةٌ هي أم تهجير؟

هي ظاهرة حديثة تتمثّل بانتقال أفراد وجماعات من وطنهم الأمّ للسّكن والاستقرار في بلد آخر جديد يختارونه. هي حركة سكّانيّة خارجيّة يتخطّى من خلالها الرّاحل الحدود السّياسيّة والإداريّة لبلده الأمّ... إنّها الهجرة التي يسعى المهاجرون دائمًا من للبحث عن مستوى معيشيّ أفضل وعن ظروف أحسن لحياة أمثل.

من المؤكّد أنّ لهذه الظّاهرة آثار سلبيّة صعبة على الأفراد والدّول، إلّا أنّ للمغتربين أسبابهم ومبرّراتهم. فالهروب من الاضطهاد والكوارث وانتشار الأمراض وظهور المجاعات واندلاع الحروب، كلّها دوافع تحثّ المهاجرين على الاستوطان في بلد غريب يَحتَمون فيه من ظلم الطّبيعة والإنسان والسّياسة.

وعبّر البابا فرنسيس عن رأيه بظاهرة الهجرة قائلًا: " إنّ العالم يشهد حركة هجرة لم يسبق لها مثيل" فإنّ "أعدادًا كبيرة من إخوتنا وأخواتنا يبحثون عن ملجأ بعيدًا عن أوطانهم، ويريدون منزلًا يعيشون فيه بلا خوف، من أجل احترام كرامتهم".

ومن هنا، يُطرح سؤال يحمل في طيّاته الكثير من التّعجّب والأسف: كيف يُمكن لدولة أن تُقفل حدودها أمام اللّاجئين؟ نستذكر بالأخصّ اللّاجئين السّوريّين الّذين يُجبَرون بسبب قساوة أحوالهم ومرارة أيّامهم على طرق أبواب بلدان أخرى بخجل وحياء؛ لأنّ الحرب تولّد الفقر والعناء واليأس وتقضي على الأنفس والكرامات، فهل ما يقوم به الهاربون من شبح الحرب هو حركة هجرة أم تهجير؟

ما أصعب أن يخلع المرء رداء الدّفء والأصل والانتماء ويفضّل الغربة والقساوة. ما أصعب هذه الهجرة القسريّة التي تجعل من ملوك أراضيهم عبيدًا في أراضٍ أخرى، والتي تحوّل أغنياء وسيّاد أديارهم إلى محتاجين وفقراءَ في أديار أخرى.

حياةُ الإنسان عبارة عن تجوّل مستمرّ نحو غاية محدّدة، نحو بيت دافئ وأرض طيّبة وودّ متبادل، فليفتح النّاس أبوابهم وليحسنوا الضيافة، خصوصًا في عصر العولمة والانفتاح هذا وفي زمن عيد الميلاد المجيد، ليستقبلوا طالبي الخلاص بابتسامةٍ تردّ الأمل والسّلام إلى قلوب شلّها داء الحرب والتّهجير..