ثقافة ومجتمع
15 شباط 2016, 13:28

مَسَحَ حذاء البابا على متن الطّائرة المتوجّهة إلى كوبا

ريتا كرم
حادثة جديدة أحاطت بالبابا فرنسيس مجدّداً وملأته غبطة وتأثّراً. هذه المرّة بطلها إعلاميّ مكسيكيّ ثريّ يرافقه على متن الطّائرة الّتي ستحطّ في كوبا قبل ذهابها إلى المكسيك.

فيوم الجمعة، وأثناء توجّهه إلى كوبا، فاجأ نويل دياز الحبر الأعظم بطلب غير متوقّع ينمّ عن تواضع عميق وصدق كبير، فطلب منه أن يلمّع حذاءه البابويّ الأسود. وهكذا كان، فانحنى وبيده أدوات العمل: فرشاة وقطعة قماش لإتمام المهمّة وسط تأثّر حبريّ جليّ.

هذه ليست بقصّة نشاهدها في أحد الأفلام الهوليووديّة الّتي تأسر المشاهد بمضمون إنسانيّ مميّز أو بمشهديّة إخراجيّة استثنائيّة. إنّما هي من قلب الواقع، بطلها ولد مكسيكيّ فقير هاجر ووالدته إلى الولايات المتّحدة الأميركيّة، كدّ ليصبح صحفيّاً لامعاً ورجل أعمال كبير ومؤسّس محطّة التّلفزيون والإذاعة الكاثوليكيّة “El Sembrador” في كاليفورنيا.

هذا الرّجل الّذي عانى الكثير من المشاكل في صغره أخبر البابا فرنسيس قصّته. فهو عندما كان في الثّامنة من عمره، وفيما كان يتحضّر لنيل سرّ الإفخارستيّا لم يتوفّر المال الكافي لأمّه العزباء كي تدفع ثمن بذلة جديدة يرتديها للمناسبة، فقرّر يومها أن يعمل كماسح أحذية في الطّرقات ليؤمّن ثمنها.

هذه القصّة الّتي لم يخجل صاحبها من تلاوتها على مسامع الزّائر الرّسوليّ، تلاها ليكرّم من يعملون بكرامة وجهد كلّ يوم ليجلبوا لقمة العيش إلى منازلهم. فالكثيرون لا يدركون حجم المعاناة الّتي يعيشها الباعة المتجوّلون في الشّوارع، من بينهم والدته الّتي فارقت الحياة عام 2010.

وكانت فرصة دياز ليطلب كذلك من البابا المسافر كحاجّ رحمة وسلام إلى بلده الأمّ الصّلاة من أجل المهاجرين الّذين أمضوا سنوات طويلة من دون رؤية ذويهم، وتمنّى أن تلقى كلماته صداها لدى المكسيكيّين والكاثوليك، خاصّة وأنّ البابا لم يأت ليحلّ المشاكل إنّما ليكون الصّوت الّذي يرغب الشّعب سماعه.

هذه القصّة اختار الصّحافيّ البالغ من العمر 59 سنة أن يقصّها على مسامع البابا بعد توجّهه إلى مؤخّرة الطّائرة ليرحّب بالجسم الإعلاميّ أثناء سفره إلى كوبا للّقاء التّاريخيّ مع البطريرك كيريل. فهل من يقرأ ويتعلّم أمثولة التّواضع والعيش الكريم؟