ميمو "أمّ الكلّ"... وداعاً!
هي تمامة ناهض أبو فيصل الّتي ما كادت تطرق عامها السّادس بعد الأربعين، حتّى سرقها الموت من أحبّائها. هي زوجة وأمّ لشابّين وفتاة، غابت بالأمس بعد أن اصطدم بها بيك آب على أوتوستراد الجيّة بينما كانت تقود سيّارة شقيقتها من نوع كيا. في السّيارة لم تكن بمفردها بل كانت مع أختها صاحبة السّيّارة وابنتيها فأبت إحدى الفتاتين أن تترك خالتها ترحل وحيدة فرافقتها في رحلة الموت تلك؛ في حين فرّ سائق البيك آب إلى جهة غير معروفة تاركاً في السّيّارة جثّتين وجريحتين.
ضحيّتان من عائلة واحدة، يُضاف إسمهما على سجلّ وفيّات حوادث السّير في لبنان: تمامة وباميلا إبنة التّسع سنوات.
تمامة أو كما يطيب لمحبّيها مناداتها "ميمو" عملت في مكاتب فضائيّة "نور الشّباب" التّابعة لتيلي لوميار، وعلى زملائها حلّت الصّدمة بعد ورود خبر وفاتها.
هي بالنّسبة لهم "أم الكلّ"، إنسانة مميّزة، خدومة، كريمة، تحبّ الجميع من دون استثناء، كلامها وقعه كالعسل في قلوبهم. في مكاتبهم لا يزال يتردّد صدى ضحكتها الّتي لم تفارق وجهها والّتي كانت تعيد الرّوح إلى القلب، وآذانهم تطنّ بكلمات هذا الملاك. هي أسرت قلوبهم بمرحها ورصانتها. لطالما أمدّتهم بالدّعم المعنويّ فزرعت فيهم القوّة في وقت الضّيق، شجّعتهم أمام الموت فكانت دائماً تخفّف من هوله مردّدة: "ليك ليك هالحكي... ما فيها شي هالدنيا، منروح آخر همّي، وقت موت بيكونوا خلصوا زيتاتي، ما بدي حدا يزعل علي أو يبكي أو يلبس أسود..."
"كانت لابقتلا الحياة" هكذا يقول عارفوها والغصّة بادية جليّة على وجوههم، والدّموع تكبتها العيون لأنّ "أمّ الحياة" لن تفرح إلّا إن بقي ثغرهم يبتسم.
اليوم، أضحت "ميمو" ملاكاً في السّماء، فإلى وداعها الأخير في زحلة سيتوجّهون ليكونوا مع من شاركتهم أفراحهم وأحزانهم، ليودّعوها في عرسها الأخير ويكونوا مع عائلتها الصّغيرة في محنتهم.
سيوّدعونها قبل أيّام من عيد مولدها المتزامن مع عيد انتقال العذراء. هم لن يحيوا ذكرى مولدها على الأرض كما في كلّ عام، بل سيحتفلون بميلادها في السّماء. سيرتشفون نخب حياتها الجديدة، هي الممتلئة إيماناً وفرحاً ستلتقي عريس السّماء يسوع. هناك، ستعيش الفرح مضاعفاً لا بل ستغمرها السّعادة الحقيقيّة لأنّ قلبها الطّاهر مهّد لها درب السّماء وهي لا تزال حيّة بيننا.
إلى روح "ميمو" نقول: سنشتاق إليك بيننا لكنّنا كلّنا رجاء أنّ ذكراك ستلازمنا في كلّ مناسباتنا. كلماتك إلى كلّ منّا لن تذهب سدىً، وضحكتك لن تفارق عقلنا. إنت في قلوبنا محفورة إلى الأبد. نحن نحبّك!"
وإلى سائق البيك آب الّذي لاذ بالفرار نقول: "نحن لا ندرك ظروف الحادث، ولكن ندرك أنّ صاحب الضّمير الحيّ لن يغفو ولن يستكين باله إن هرب من مسؤوليّته. تذكّر أنّه إن ضاعت خطاك على هذه الأرض وأفلتّ من عدالة الأرض، لا تنسَ أنّ عدالة السّماء بانتظارك!"