دينيّة
15 كانون الأول 2024, 10:00

ميلاد يوحنّا "فرح للمؤمنين"

تيلي لوميار/ نورسات
بقلم الكاردينال مار روفائيل لويس ساكو بطريرك بابل على الكلدان في العراق والعالم

 

عادت مريم بعد التعداد السكّانيّ إلى بيتها في الناصرة، بينما يبقى قارئ إنجيل لوقا مع زكريّا يُتابع سَيْرَ الأحداث. يسرد لوقا مولد يوحنّا باختصار، بينما يتوسّع في سرد خبر يسوع. هَمُّه الأوّل أن يكشف أنّ مولد يوحنّا يأتي لاكتمالِ مشروع الله الخلاصيّ.

الشخصيّة المركزيّة في مولد يوحنّا هي إليصابات. هي التي تُعطي الاسم:  أَرادوا أَن يُسَمُّوُه زَكَرِيَّا بِاسمِ أَبيه، فتَكَلَّمَت أُمُّه وقالت:لا، بل يُسَمَّى يوحَنَّا (لوقا1/59-60.  

سأل الجيران: "من سيكون هذا الطفل"، وأتى الجواب عليه في نشيد زكريّا:"إنّه سيغدو نبيّ العليّ"، بينما يسوع هو "ابن العليّ" بحسب ما قال الملاك لمريم. وهذا اختلاف جوهريّ.

ما يلفت الانتباه هو أنّ فرح زكريّا وإليصابات والجيران هو فرح المؤمنين جميعهم.

ما ينبغي أن نعرفه ليس كون إليصابات أنجبت طفلًا، بل إنّ الربّ غمرها برحمته (لوقا 58). وهو مستعدّ أن يغمرنا نحن أيضًا بنعمه إذا فتحنا له قلوبنا، مع اللفت إلى أنّ يوحنّا بالعبريّة يعني عَمَلَ الربُّ كَرَمًا.  

في الواقع، يسلّط لوقا الضوءَ على تحقيق كلام الملاك لزكريّا وهو أبكم وأصمّ. والمعجزة التي يدورالحدث حولها سببّت دهشة للجميع، وتضاعفت الدهشة عندما انفتح فم زكريّا.

في إنجيل لوقا إنْ كان بالنسبة إلى الرعاة (2/17-18) أو في أعمال الرسل (10/ 1-11 و18)، فالخلاص يصل إلى القلوب عبر شهاداتٍ حيّة لأشخاصٍ مؤمنين (لوقا1/66): "ذاكَ الّذي رَأَيناه وسَمِعناه، نُبَشِّرُكم بِه أَنتم أَيضًا، لِتَكونَ لَكَم أَيضًا مُشاركَةٌ معَنا (1 يوحنّا 3: 1-10).

كان مؤمنو الجماعة المسيحيّة الأولى يتحدّثون باندفاع من الروح القدس عن خبرتهم الايمانيّة، ليشجعوا الأخوات والإخوة الذين يتعرّضون للاضطهادات ويرفعوا من معنويّاتهم.

يختفي زكريّا كليًّا عن المشهد بعد نشيده، وتختفي إليصابات ايضًا، لأنّ يوحنّا كان ينمو ويقوى. هذا قيل أيضًا عن يسوع (لوقا 2/40) وعن البشارة بكلمة الله التي كانت تنتشر (أعمال 19/20).ويذهب يوحنّا إلى البريّة لإعداد نفسه منتظرًا يوم ظهور المسيح لبدء رسالته.

في الختام، نحن أيضًا مثل يوحنّا مرسلون بحكم معموديّتنا، لحمل بشرى الله إلى الناس، وتمهيدهم لاقتبال نعمه. لذلك علينا أن نفتح له قلوبنا، ولنكنْ بمثالنا شهودًا لفرح اللقاء به، ونورًا نقود الآخرين اليه.