دينيّة
05 كانون الثاني 2018, 12:00

من هو القدّيس الذي عاش 113 عامًا وصادق مار أنطونيوس؟

ماريلين صليبي
قدّيس قبطيّ مسيحيّ مصريّ هو. نطق لسانه مبشّرًا بالمسيح باليونانيّة والمصريّة ببراعة فائقة. يتيم الأب، غنيّ الثّروة، لم يتق قلبه يومًا إلى الدّنيويّات. هو باولا أوّل النّسّاك الذي تحتفل الكنيسة اليوم بعيده المبارك.

 

في ظلّ موجة الاضطهاد، كان بستانٌ على ضفاف النّيل ملاذّه. هي عزلة قرّر باولا جعلها تنسّكًا متقشّفًا بعد أن أذبلت قلبه خيانة صهره له. وكان ثمر النّخل وأوراقه قوته الطّيّب في حياة اختبر فيها باولا البِرّ والصّلاح، فكملاك في السّماء عاش ابن المئة وثلاث عشرة سنة على هذه الأرض الفانية.

ولباولا وأنطونيوس قصّة صداقة مميّزة، فبعد أن أوحى الله إلى أنطونيوس في الحلم أنّ باولا أقدم منه وأكثر قداسة، اندفع أنطونيوس يسير بحثًا عن مغارة باولا تائقًا إلى العثور عليه، وما إن وجده حتّى عانقه بحرارة ومحبّة وصدق.  وفي إحدى جلساتهما المباركة المكلّلة بتلاوة المزامير وتسبيح الله، جاءهما غُراب برغيف خبز، فرفع باولا صلواته وامتنانه لله قائلًا: "تبارك الله الذي أرسل لنا كفافنا! إنّ هذا الغراب يأتيني منذ ستّين سنة، كلّ يوم بنصف رغيف، واليوم، لأجلك أتاني برغيفٍ كامل!"

وفي اليوم التّالي، حين أحسّ باولا أنّه سيستودع روحه بين يديّ الله، دنا من أنطونيوس وقال له: "أرسلكَ الله إِليَّ لتَدفُن جسدي وتُرجع التّراب إلى التّراب. فأسألك أن تذهب وتأتيني بالرّداء الذي وهبك إيّاه البطريرك أثناسيوس وتجعله كفنًا لي بعد موتي." وأمام هذا الطّلب، سارع أنطونيوس ليأتي بالرّداء، غير أنّه وجد باولا مسلّمًا الرّوح عند عودته.

بكفن رداء البطريرك دُفن باولا كما أراد، أمّا أنطونيوس فعاد متزوِّدًا ثوب باولا الذي نسجه من ورق النّخل. ثوب لبسه في عيد الفصح وعيد العنصرة وكلّما أراد أن يخبر رهبانه عن باولا.

وفي هذا اليوم المبارك، لنتأمّل بسيرة باولا أوّل النّسّاك، ولنتعهّد كمؤمنين أن نتنسّك ببستان الإيمان فنقتتي بالتّعاليم المقدّسة وأن نتشارك صداقة صادقة مع الآخرين على غرار صداقة باولا وأنطونيوس، صداقة لا مكان فيها للحسد والخبث بل للخدمة والمحبّة اللّامتناهية.