ثقافة ومجتمع
23 كانون الأول 2017, 08:00

من مضطرب عقليّ وملحد ومجرم إلى تائب مؤمن بيسوع

ريتا كرم
منذ طفولته، عانى ديفيد وود من اضطراب عقليّ، اضطراب صحبه إلحاد نما معه في مسيرة حياته الّتي لم تكن سهلة أبدًا.

 

يروي وود، بحسب شهادة نشرها موقع Infochretienne، أنّه لم يظهر قطّ أيّ نوع من التّعاطف تجاه أحد، فتجرّده من مشاعره الإنسانيّة ردّ أسبابه إلى تقدّمه على سائر البشر، منطلقًا من نظريّة التّطوّر الّتي تعلّمها يوم كان في الثّانويّة العامّة.

هشاشة الرّوح هذه جعلته باردًا، لا يحترم الأنظمة، وعلى استعداد دائم لخرق القواعد.. فبات يرتكب الجنحة تلو الأخرى إلى أن قرّر أن يقترف أكبر ذنب في حياته: قتل والده.

خطّط أن يقتله بوحشيّة، فأتى بمطرقة وضربه على رأسه نحو 7 أو 8 مرّات، ولاذ بالهرب. إلّا أنّ الوالد لم يقضِ إثر الاعتداء بل أسعفه صديقه إلى المستشفى، واعترف الولد لأمّه بجريمته فأدخل بدوره إلى مستشفى للأمراض العقليّة حيث شخّص الأطبّاء حالته.. فديفيد لا يحبّ الاختلاط بالمجتمع.

ونتيجة فعلته، زُجّ في السّجن مدّة 10 سنوات. هناك تعرّف إلى "راندي" شابّ مسيحيّ مواظب على مطالعة الإنجيل والتّأمّل فيه. وضعٌ خلق جدالاً دائمًا بين الشّابّين، ففي حين كان دايفيد مقتنعًا أنّ الإنسان يؤمن بما يعلّمونه إيّاه وأنّ لا خيار له في اختيار دينه، كان "راندي" ثابتًا في مواقفه، لاذعًا في إجاباته ما جعله يتقدّم على ديفيد في كلّ مرّة وقع فيها الجدال.

هذا الأمر دفع ديفيد إلى مطالعة الإنجيل ودراسته كي يتمكّن من مناقشة رفيقه، غير أنّه لم يحقّق هدفه لأنّ يسوع المسيح أثّر في هذا الإنسان الّذي أدرك أنّه الأسوأ في العالم، وأنّ يسوع هو الأعظم والوحيد القادر على صنع المعجزات في حياته وتحريره من اضطراباته وإعادة التّوازن إلى حياته؛ فتوجّه إليه مصلّيًا: "يا ربّ لا أعلم إن كنتُ سأؤمن بك غدًا، ولكن أنا أؤمن بك في هذه اللّحظة. إن كنتَ تستطيع أن تفعل لي أيّ شيء فأنا مستعدّ"، وأرفق صلاته بتوبة معلنًا أنّه لا يريد أن يصنع الشّرّ لأحد بعد الآن.

هذه المسيرة الرّوحيّة الّتي بدأت من وراء القضبان بدّلت حياة ديفيد. هي زرعت فيه روحًا وأدفأت قلبه بحرارة الإيمان، وكشفت عن نور إلهيّ أعادت إليه ألوان الحياة الصّالحة والمستقيمة. هذا التّحوّل هداه إلى طريق الرّحمة والغفران، فكتب إلى والده معترفًا بخطيئته طالبًا منه السّماح، علمًا أنّ الأخير لم يكن يتذكّر شيئًا مع ذلك زاره في سجنه صافحًا عنه.

خرج ديفيد وود إلى الحرّيّة أخيرًا عام 2000، وانطلق في معترك حياة نظيفة متابعًا دروسه الجامعيّة حيث تعرّف على زوجته الّتي رُزق منها لاحقًا بـ4 أولاد، شاكرًا الله القائم من الموت والّذي أعاده من الظّلمة إلى الحياة، ومن الإلحاد إلى الإيمان بأنّ الله موجود وهو يعتني بخلقه.