ثقافة ومجتمع
20 نيسان 2018, 13:00

من الجهاد في صفوف النّصرة إلى التّبشير بالمسيح

ريتا كرم
قبل سنوات كان يحارب في صفوف النّصرة، واليوم هو جنديّ مبشّر في صفوف المسيح. هو بشير محمّد كرديّ سوريّ في الخامسة والعشرين من عمره. نشأ في عائلة مسلمة وظهرت لديه علامات التّطرّف في سنّ المراهقة بسبب نسيبه أحمد.

 

عندما انطلقت شرارات الحرب السّوريّة، انضمّ بشير، كما ذكر موقع infochretienne، إلى القوّات الكرديّة فصُدم بالأعداد الهائلة للقتلى الّذين كان يصادفهم، وكان بذلك يكوّن فكرة عن الإسلام الأصوليّ، وبدأ يبحث عن "عظمة الدّين".

عام 2012، انضمّ إلى جبهة النّصرة "بحثًا عن الله" غير أنّه لم يشهد سوى على وحشيّة عناصرها بحيث كانت تساؤلات كبيرة حول دوافعهم تهزّ عقله وقلبه، فقرّر الانشقاق عنهم والعودة إلى عائلته وخطيبته "هيفين".

بعد مرور عام، كان لا يزال الزّوجان مسلمين وفيّين لديانتهما عندما قرّرا الهرب إلى إسطنبول، إلى أن أصاب "هيفين" مرض عضال، فاتّصل بشير بنسيبه أحمد الّذي هاجر إلى كندا وأعلمه بالأمر، وكم كانت صدمته كبيرة حين علم بتحوّل هذا "المتطرّف" إلى مسيحيّ ملتزم.

نعم إنّ ذاك الّذي قاد بشير إلى طريق التّطرّف ها هو اليوم يكرز بالإنجيل ويرنّم للمسيح. هو نفسه طلب من الزّوج أن يضع الهاتف بالقرب من أذن زوجته كي تسمع الصّلوات والتّرانيم الّتي كان يتلوها جماعة المؤمنين في منزله. وهكذا كان، وبعد أيّام قليلة استعادت الزّوجة عافيتها.

في تلك الأثناء، نما في قلب بشير توق إلى اكتشاف الإنجيل، فاتّصل بأحد المرسلين في تركيا وووضع بين يديه الكتاب المقدّس، وعرّفه على مسيحيّين عكسوا صورة المسيح وسلامه ورحمته. وهنا، كانت بداية الاهتداء. اهتداء كلّله حلمان: حلم الزّوجة بشخصيّة من الإنجيل المقدّس كان بقدرة إلهيّة يشقّ مياه البحر، والمقصود هنا النّبيّ موسى، وحلم الزّوج بيسوع نفسه الّذي كان يعطيه حبوب الحمّص. وأمام الحلمين، شعر بشير وهيفين أنّهما محبوبين جدًّا، فـ"الفرق شاسع جدًّا بين الله الّذي عبدناه سابقًا وبين الله الّذي نعبده اليوم.. إذ كان الخوف يلفّنا، أمّا الآن فكلّ شيء تغيّر"، بتعبيرهما.

هذا التّحوّل لم يتمّ فقط بالعماد ولبس المسيح، وإنّما أيضًا بالتّبشير به. فبشير يوجّه اليوم مجموعة من المؤمنين ويقود أوقات الصّلاة والتّرنيم، بهدوء وسلام ملحوظين على عكس طباعه الحادّة والعنيفة الّتي كانت تسمّم أفكاره وتصرّفاته قبل سنوات ليست ببعيدة.

تأتي قصّة التّحوّل الإيمانيّ هذه لتُضاف اليوم إلى سجلّات الاهتداء الّتي يشهدها عالمنا اليوم، مع نموّ التّطرّف والأصوليّة. فالله يشعّ حتّى في قلب الظّلام، ويحوّل عتمة العيون إلى نور إلهيّ يضيء على سرّ الله الحقيقة المطلقة، وتعلن أنّ "الجهاد" الفعليّ هو بالسّير مع المسيح من أجل السّلام وخلاص النّفوس.