من الانتحار بسبب الكمال الأرضيّ.. إلى الحياة بفضل الكمال السّماويّ
في عائلته المتحفّظة والمتشدّدة، كان العلم ضرورة قصوى لامست شراستها حدّ التّجريح والتّعذيب. فالمراتب الأولى والمجد الأرضيّ لم يكونا طموحًا واجتهادًا بل كانا جاهًا يرضي كبرياء عائلة رافي مجبرًا إيّاه على تحمّل أشدّ العذابات إن لم يحقّقه.
الفشل كان ممنوعًا إذًا عند الأب الصّارم، فرافق العقاب حياة رافي الّتي تحوّلت بعدها إلى وحدة موحشة تمسّكت بمخالبها المؤلمة في كلّ تفاصيل أيّامه.
المنافسة الحادّة كانت تُزرَع في قلب رافي منذ الصّغر، فضرورة التّربّع على عرش النّجاح الباهر كانت هاجس عائلته ليكبر الصّبيّ مع كابوس بغض الآخر واحتكار المراتب.
التّعنيف الجسديّ واللّفظيّ لم يفارق مسيرة رافي، فما إن هوى الأخير صوب الكسل النّمطيّ الحياتيّ الطّبيعيّ حتّى أوقعه والده في وادي الذّلّ والتّحقير.
كبُر رافي وهاجس الكمال يصادقه بإكراه، وها هو الصّبيّ يبلغ ١٧ عامًا، يلتقي مع الأصدقاء ويسمع الإنجيل للمرّة الأولى..
كلمات الحقّ تغلغلت في قلبه لتدفعه إلى البحث عن الكمال السّماويّ، فمن وسط الفشل واليأس والرّغبة في الانتحار أطلّ الرّبّ لينتشل رافي إلى قمّة الفرح. وكانت آية "أنا الطّريق والحقّ والحياة" كافية لتدفع بالمراهق التّائه، الّذي حاول شرب السّمّ للتّخلّص من حياته فوجد نفسه مستلقيًا على فراش الموت، إلى نداء الرّبّ طلبًا لمعونته.
فمن غرفته المعزولة في المستشفى، نذر رافي التّوبة والبحث عن الحياة مع المسيح عند خروجه. وما أن زال الخطر عنه، حتّى انصرف إلى دراسة اللّاهوت والتّبشير بالمسيح في كلّ حين. وراح يدرك يومًا بعد يوم أنّ الرّبّ كان يرافق خطواته منتظرًا قدومه إليه.
"سافرتُ كثيرًا حول العالم وبحثت في أماكن عديدة عمّا يرضي رغبات ذهني وقلبي وروحي. لكنّني لم أجد أعظم من يسوع في إرضائي. هو ليس فقط الطّريق والحقيقة والحياة، بل هو شخصيّتي وطريقي وحقيقتي وحياتي، وهو ليس بعيدًا عنّا".. بهذا يكلّل رافي حياته اليوم، حياة ارتفعت مع الرّبّ إلى الكمال السّماويّ، فهلّا نسير بدورنا طريق الخلاص باحثين عن الرّبّ بعيدًا عن الدّنيويّات؟