دينيّة
16 أيار 2025, 07:00

مَريمُ، أُمّ واحِدَةٌ... وأَسْماءٌ لا تُحصى

تيلي لوميار/ نورسات
"في شهر أيّار، تتفتَّحُ القلوبُ كما تتفتَّحُ الزُّهورُ، ونرفعُ الصّلاة إلى مريم، أُمِّ اللهِ، الّتي أحبَّها النّاسُ في كلِّ زمانٍ ومكانٍ. ولم يكتفُوا بمناداتها بـ"العذراء"، بل أغدقوا عليها ألقابًا لا تُحصى، نابعةً من المحبَّة والشّفاعةِ والتَّضرُّع. فكلُّ من اختبر حضورها في حياته، وسمها باسمٍ فريدٍ، واحتفظ به في قلبه كذكرى لنعمةٍ أو رجاءٍ، لألمٍ أو معجزةٍ، لطبيعةٍ أو ظهورٍ." بهذه المقدّمة استهّل خادِمِ رَعيَّةِ سَيِّدَةِ لُبنان – لومي – توغو الخوري شَربل سَعاده مقالته عن مريم العذراء وتعدّد ألقابها.

وتابع: "في لبنان، تتعدَّدُ الألقاب بتعدُّد خبرات النّاس معها. فهي تُنادى بأسماءٍ تُعبِّر عن القُرب والحنان، وتنطق بحياة المؤمنين اليوميَّة.

الفلّاح يرى فيها "سيِّدة الزُّروع" و"سيِّدة الكروم"، يطلب بركتها على تعبه وأرضه.

وابن الجبل يرفع إليها نظره من الأعالي، فيدعوها "سيِّدة الجبل" و"سيّدة التّلَّة"، رمزًا للحماية والطُّمأنينة في قلب الطَّبيعة الوعرة.

وعلى الطُّرقات، يسير وهو يهمس: "سيِّدة الطَّريق"، تلك الَّتي تفتح الدُّروب وترافق الخُطى.

في وجه العواصف، تصبح له "سيِّدة الرّعد" و"سيِّدة العاصفة"، تمنحه السَّكينة وسط اضطرابات الحياة.

وعندما يعطش قلبه، يطلب "سيِّدة النّبع"، وإن تعب، يهمس باسمها "سيِّدة الرّاحة".

المتألِّمون في السُّجون والضِّيقات، وجدوا فيها رفيقة وجدانهم: "سيِّدة الحبس"، "سيِّدة الدّموع"، "سيّدة النَّجاة".

أَمَّا الفقراء والخطاة، فلجؤوا إليها كمن تغسل خطاياهم وترفعهم برحمة لا حدود لها: "سيِّدة الغسّالة"، "سيِّدة المعونة الدّائمة"، "سيِّدة الخلاص".

والمتَّكلون عليها خاطبوها بألقاب النُّور والسَّلام والقداسة: "سيِّدة النُّوريَّة"، "سيِّدة السَّلام"، "سيِّدة الملائكة"، "سيِّدة الورديَّة"، فكانت لهم نورًا يضيء ظلمة الطَّريق، وسلاما يتسلَّل إلى أَعماق القلوب.

ومن بين أَلقابها الأكثر حنانًا، نذكر "سيِّدة البزاز أَو المرضعة"، تلك الَّتي أَرضعت الطّفل الإِلهيَّ، والَّتي ما زالت ترضع قلوب المتعبين مِن لبن العزاء والرّجاء. هي الأُمُّ الحانية الَّتي نحمل إليها أَوجاعنا فنرتوي بحبّها، ونرتاح في دفء ذراعيها.

وفي الغربة، لا تنسى أَبناءها، فهي "سيِّدة المهاجرين"، الَّتي ترافقهم إلى أَقصى الأَرض، تسكن في قلوبهم وحقائبهم، وتظلُّ الحنين الَّذي لا يبهت، والرَّجاء الَّذي لا يذبل.

وفي لبنان أَيضًا، مريم ليست فقط في القلوب، بل محفورة في الجغرافيا. تتجلَّى بأسماءٍ ارتبطت بأماكن ومزاراتٍ أصبحت محجًّا للمحبّين.

في حريصا، حيث "سيِّدة لبنان" تفتح ذراعيها على البحر والنّاس. 

في زحلة، حيث "سيِّدة البقاع" ترعى السَّهل وتباركه من عليائها.

في جزين، تسكن عند "سيِّدة الشَّلّال". 

وفي مغدوشة "سَيِّدة المنطرة" تترقَّب الأبناء من على التّلَّة، كما انتظرت ابنها يسوع، ترجو لهم الرُّجوع.

وفي بشوات، حيث "سيِّدة بشوات العجائبيَّة" تستقبل القلوب العطشى إلى النّعمة والشّفاء.

في مزيارة، تعرف بـ"أمّ المراحم"، لا تردُّ طالبًا، بل تعانق الجميع بمحبّةٍ أموميَّةٍ صافيةٍ.

وفي بيروت، وسط الصَّخب والضَّجيج، "سيِّدة النُّور" تضيءُ الأزقَّة كما النَّجمة في عتمة اللَّيل.

وفي عين إبل، "سيِّدة لورد" تربط الأرض بالسَّماء، تُشعُّ نعمةً لكلِّ من قصدها.

مريم، أمٌّ واحدةٌ... لكن حبُّ أولادها لها لا يسعه اسمٌ واحدٌ.

فكلُّ اسمٍ ناديناك به، يا مريم، هو صلاةٌ، وكلُّ مزار لك هو لقاءٌ، وكلُّ لقبٍ هو حكاية شعب أحبَّ أمَّه، ووجد فيك الحنان، والشَّفاعة، والسَّلام."