ثقافة ومجتمع
19 أيار 2016, 13:04

مختلفون وليس متخلّفين!

ريتا كرم
ربّما تنظر إليهم بعين الشّفقة، ربّما تخاف منهم أو ربّما تتجنّب التّواصل معهم. ولكنّهم خليقة الرّبّ الطّاهرة. إن تأمّلت بتمعّن ترى الفرح بعينيهم وتعاين الابتسامة على وجوههم. وإن غصت في أعماقهم تكتشف طيبة فريدة كاد عالم اليوم يفقدها.

 

هم الحلقة الأضعف بنظر المجتمع ولكنّهم أقوى إيماناً وعزيمة من باقي فئاته. هم أغنياء بالرّوح إنّما يحتاجون إلى انتباه أكثر من سواهم مهما كانت حالتهم الجسديّة والعقليّة والصّحّيّة. هم على صورة الله ومثاله الّتي رغم محاولات البشر تشويهها وانتهاك حرمتها لا تزال مقدّسة تعكس محبّة يسوع الكبرى ورحمته.

إحتياجاتهم خاصّة ولكن حاجتنا لهم ماسّة. منهم نتعلّم البراءة والصّدق، الفرح والأمل، الإرادة والعزم.

كثيرون يجهلون مدى روعة هؤلاء وقدر ذكائهم. فالعديد منهم يتبوّأون مراكز كبيرة في أشغالهم ويحظون بتقدير مدرائهم وزملائهم. آخرون يبرعون في فنّ ما ويبدعون متى حملوا أداة بين يديهم فيحوّلوها إلى تحفة وعمل رائعين. من يلتقيهم ويجلس في حضرتهم لا يستطيع أن يغمض عينيه عن تميّزهم الباهر، أو أن ينهي جلسته من دون أن يشكر الرّبّ على صحّته ونعمه الغزيرة.

لنتأمّل معاً في سنة الرّحمة الإلهيّة هذه، ولنبحث عن السّلام ونتحرّر من كلّ ما يكبّلنا وأن نرى مفعول رحمة الله على صعيد إنسانيّ ونفسيّ. لنغتسل من خطايانا ونسمح لرحمة الله أن تعمل فينا وننظر إلى هؤلاء المختلفين عنّا كإخوة لنا نهتمّ لأمرهم، نحاورهم، نلعب معهم ونكتشف احتياجاتهم ونسعى جاهدين إلى تلبيتها بانفتاح.

لمَ لا نكون متواضعين كالقدّيسين الّذين حفلت حياتهم بأعمال الرّحمة بخاصّة مع أولئك المتميّزين؟ لمَ لا نقتدي بالبابا فرنسيس، رجل العصر الأكثر تواضعاً؟ هو الّذي فاجأ منذ أيّام  في شامبينو  جماعة "IL CHICCO" التّابعة لجمعيّة L'ARCHE الّتي أسّسها جان فانييه في العام 1964، والمتواجدة في أكثر من ثلاثين بلداً في العالم والّتي تهتمّ مع جمعيّة "إيمان ونور" بالأشخاص الأكثر ضعفاً في المجتمع، فتناول معهم وجبة طعام خفيفة وأصغى إليهم، متقاسماً معهم فرح وبساطة هذه اللّحظات في أجواء عائليّة. رأى أعمالهم وأبدى إعجابه بمواهبهم وصلّى معهم كجماعة واحدة. فأحطاهم بالحنان والعاطفة وأظهر للجميع كيفيّة عيش سنة الرّحمة.

هو نفسه غسل أرجل معوّقين في خميس الأسرار وقبّلها، ودافع عن مقعد كاد يسقط عليه أحدهم لحماسته، وعانق مشوّهاً مبدياً محبّته الأبويّة... لنرحم إخوتنا بالمسيح لأنّنا كلّنا ذوي احتياجات خاصّة، ووحده العليّ يقدر على تلبيتها.