دينيّة
24 آذار 2020, 14:00

مار مارون- مينيابوليس يواجه كورونا بسرّ الاعتراف

ريتا كرم
إنّه زمن الكورونا بامتياز، زمن ظنّ فيه الشّرّير أنّه قادر أن يُبعد المؤمن عن كنيسته، إلّا أنّه أخطأ التّقدير. فها هو هذا الزّمن يحلّ بزمن الصّوم المقدّس، زمن الخصوبة الرّوحيّة، زمن الصّلاة والإماتات. نعم هو يحلّ مع تدابير مُشدَّدة في مختلف أنحاء العالم، وبخاصّة في الأبرشيّات والكنائس حيث كلّ شيء معلَّق حتّى إشعار آخر. إلّا أنّ في مدينة مينيابوليس، أكبر مدينة في ولاية مينيسوتا في شمال الولايات المتّحدة الأميركيّة، اختارت كنيسة مار مارون أن تبقي صلتها مع الجماعة المؤمنة عبر سرّ الاعتراف.

وفي التّفاصيل، يقوم خادم رعيّة مار مارون مينيابوليس- مينيسوتا ورئيس تيلي لوميار انترناشونال الخورأسقف شربل مارون، وثلاثة كهنة آخرين، بتوفير خدمة سرّ الاعترف لمن يرغب، بين الثّانية عشرة ظهرًا والثّالثة عصرًا، في مرآب الكنيسة الدّائريّ، إذ يدخل المؤمنون من جهة ليخرجوا من أخرى من دون أن يضطرّوا إلى الاحتكاك بعضهم ببعض.

هناك يجلس مارون والكهنة على كرسيهم وأمامهم المركع، وبجانبهم صورة يسوع الرّحمة الإلهيّة، متّعبين كلّ الإجراءات الوقائيّة اللّازمة من أجل المحافظة على صحّتهم وصحّة المعترفين.

يجلس الكاهن محافظًا على مسافة مترين بينه وبين المؤمن المتقدّم من سرّ التّوبة بشوق وندامة إمّا بسيّارته أو سيرًا على الأقدام، ويستمع إلى اعترافات قلوبهم. وبعد أن يغادر كلّ معترف كرسيّ الاعتراف تبدأ عمليّة التّعقيم الإلزاميّة.  

ولكن لماذا سرّ الاعتراف؟ يوضح مارون في حديث لموقعنا، أنّه أراد كراع أن يوفّر لرعيّته غذاءً روحيًّا في ظلّ الأزمة الصّحّيّة هذه، فما كان منه إلّا أن اختار كرسيّ الاعتراف الّذي لا تقف أمامه أيّة عوائق مهما اشتدّت، فهو مقبول من الله في كلّ مكان وزمان، حتّى وسط الحروب، ضاربًا المثل بالحروب الكبرى حيث كان الكاهن ذاك الجنديّ المجهول الّذي يأتي إلى العسكر على الجبهات، مانحًا إيّاهم هذا السّرّ قبل الانطلاق في معاركهم، مشجّعًا بذلك المؤمنين على التّقدّم من هذا السّرّ المقدّس في زمن الصّوم المبارك هذا.  

نعم، بهذه الرّوح يساعد الخورأسقف مارون وكهنة الرّعيّة المؤمنين على أن يتهيّؤوا روحيًّا قبل التّهيّؤ جسديًّا للقاء الرّبّ وتمتين علاقتهم به إذا شاخت أو تفتّت أو تعبت.

ويرى مارون مع هذا الوباء المستشري اليوم في العالم، فرصة للتّقرّب من الله، وفرصة للقاء العائلات في بيوتها تحت سقف واحد. ففي هذا برهان على محدوديّة الإنسان وضعفه من دون الله، لافتًا إلى أنّ هذا الدّرس أخاف النّاس ورجّفهم وأركعهم! أركعهم حتّى يصلّوا بالطّريقة الصّحيحة من جديد. هو فرصة ليبعد عقول النّاس عن البغض والحقد والحروب والاضطهادات، فـ"نيّالو يلّي بكون واعي وبيستفيد من هالحالة!"، يقول مارون.

وللمناسبة، يدعو راعي مار مارون- مينيابوليس المؤمنين إلى الصّبر والثّبات بالإيمان والمحبّة، لأنّ خلاصهم الوحيد هو بالمسيح، بخاصّة في زمن الصّوم، رافعًا الدّعاء إلى الله لشفاء المصابين وليعطي المتوفّين الرّحمة، مؤكّدًا أنّه بعد كلّ "جمعة عظيمة" قيامة، ومن بعد كلّ إكليل شوك إكليل مجد، فمن يصمد إلى المنتهى يخلص.

يُذكر أنّ رعيّة مار مارون ملتزمة بكافّة الإجراءات المفروضة على الأبرشيّات، إذ علّقت القدّاسات مع الجماعة المؤمنة، مع الإبقاء على القدّاسات اليوميّة بمشاركة الكهنة والشّمامسة والشّدايقة وصور أبناء الرّعيّة الّتي علّقها الخورأسقف شربل مارون على مقاعد الكنيسة ليشعر بوجودهم ومشاركتهم في الذّبيحة الإلهيّة الّتي يتمّ نقلها يوميًّا مباشرة عبر فيسبوك عند السّادسة مساءً.

ولأنّه حريص على إبقاء الرّعيّة حيّة في ظلّ هذه الأزمة، لا ينفكّ الخورأسقف شربل مارون عن التّواصل مع رعيّته، كبار وصغار، جماعة وأفراد، من خلال رسائل مصوّرة عبر مختلف وسائل التّواصل الاجتماعيّ المتاحة.