ثقافة ومجتمع
30 أيار 2016, 13:45

للجدران.. لسان؟

ماريلين صليبي
من جدارٍ فاصلٍ عاديّ مبنيٍّ من الباطون أو الحجر إلى عريضة للمطالبة بإسقاط النّظام أو إلى فسحة للتّعبير عن الآراء أو إلى لوحة فنّيّة خلّابة، هو الحائط نفسه الذي يلعب أدوارًا مختلفة.

 

ظاهرة الكتابة على الحائط قديمة جدًّا، تعود إلى زمن الاستعباد، إذ كان العبيد يكتبون على الحيطان ما يدلّ على رغبتهم بإسقاط الطّبقة الحاكمة والمطالبة بالثّورة التي تخلّصهم من الظّلم والذّلّ. باتت إذًا هذه الكتابة ممنوعة يلقى من يلجأ إليها عقابًا قاسيًا يضاهي لا بل يتخطّى قساوة أحوالهم.

أمّا في لبنان، وفي كلّ فترة إنتخابيّة، يملأ مناصرو الأحزاب الجدران كتابةً وصورًا وشعارات تمدح فئة حليفة وتذمّ الأخصام، وتعد بمستقبل أفضل للبنان. كذلك، ينقل بعض الأشخاص آراءهم واختلاجات نفوسهم التي يودّون نقلها إلى الآخرين إمّا لتكوين رأي عام أو التّحذير من أمر ما أو الإعلان عن عقيدة معيّنة. 

وكم تشهد الجدران في البلدان العربيّة حيث الثّورات والحروب كتابات كـ"الشّعب يريد إسقاط النّظام"، فضلًا عن العبارات الدّينيّة.

للحيطان هويّة بعيدة عن السّياسة، هويّة تحرّريّة فيها يتفجّر الإبداع والابتكار وتمتزج الألوان والأشكال، فيها تتجلّى الرّسومات روعةً ويتمحور الفنّ خيالًا. للحيطان إذًا هويّة فنّيّة بامتياز، تتحوّل فور ملامسة الرّيشة الحجر إلى لوحات تزيّن الشّوارع، تنحني النّفوس إجلالًا لجمالها ورونقها والسّحر الخفيّ الذي تفيضه.

هي الجدران..  هي الّتي بصمتها الصّاخب تتكلّم، هي الّتي بهدوئها ترفع الأصوات والأحلام والأهداف إلى الخيال البعيد. فكفى نقول للجدران آذان، بل للجدران لسان...