ثقافة ومجتمع
21 شباط 2018, 14:00

لغّتي هويّتي

غلوريا بو خليل
لغّتنا ثقافتنا.. لغّتنا هويّتنا.. إنّها مرآتنا وتاريخنا، بها نتواصل ونمدّ الجسور. إنّها تحاكي وطنيّتنا وانتماءنا وأصالتنا.. هي ثروتنا. لغّتنا الأمّ هي "أمّ" لا تُستبدل بأيّة لغة مهما علت؛ هي أقدم لغّات العالم وحملت في طيّاتها أنبل السّمات، حكت الطّب والعلم والعلوم، حكت الشّعر والنّثر وأبهرت العالم. لغّتنا مسؤوليّتنا، فحين نصونها نصون تاريخنا وتراثنا، نصون ثقافتنا وهويّتنا، نصون وطننا.

 

مهما بلغت اللّغات الأجنبيّة مراتب عالية في العالم تظلّ لغّتنا تحاكي إرثنا التّاريخيّ وعراقتنا بحيث تعبّر عن تاريخ كتب بالحرف والرّوح والفراديّة. صحيح أنّ اللّغات الأجنبيّة مهمّة للتّواصل مع الشّعوب وتبادل الخبرات والتّاريخ والعلم، لكنّها ليست أهم من لغّتنا أو أجمل منها.

يحتجّ البعض بأن لغّتنا صعبة وبأنّ أولادنا يعانون لتعلّمها.. إنها مجرد حجج نابعة عن سخفهم وعدم فخرهم وإيمانهم بها فتكلّم لغّة أجنبيّة، بنظرهم، يدلّ على الرّقي..  للأسف، لا يسعنا القول إلا "ويل لأمّة لا تتكلّم لغّتها".

لمَ الاستخفاف بلغّتنا؟ لمَ نربي أولادنا ونعلّمهم لغات أجنبيّة لا تشبهنا قبل أن نعلّمهم لغّتهم الأمّ؟ لمَ ننمّي أولادنا على انتماء غريب؟ عندما نفاخر أنّ أولادنا يجيدون الفرنسيّة أو الانكليزيّة أو غيرها من اللّغات الأجنبيّة، نكون بذلك نحرمهم من افتخارهم بلغّتهم وانتمائهم ووطنيّتهم وجذورهم. ويلٌ لنا، فنحن نفقد هويّتنا شيئًا فشيئًا، نحن ندفن إرثنا بتباه فارغ، ندفن تاريخنا وثقافتنا بجهلنا وسطحيّتنا، ندفن وطننا بأيدينا، نلغيه ونفرغه من أصالته وفراديّته وجماليّته.

إن أردنا أن نبني وطننا بطريقة صحّيّة وسليمة علينا أن نحب لغّتنا الأمّ ونفتخر بها ونربي أجيالنا على احترامها والاعتزاز بها.. هذا واجبنا ومسؤوليّتنا.

هلمّوا نخلّص لغّتنا من براثين التّبعيّة فنرسّخ ثقافتنا وننشر تاريخنا ونحمي عراقتنا وهويّتنا، فجبران خليل جبران وإميل البستاني ومخايل نعيمة وأمين معلوف وغيرهم افتخروا بلغّتهم وعلى الرّغم من أنّهم كتبوا بلغّات أجنبيّة إلّا أنّهم حافظوا على رقيّها ورفعوها إلى مراتب عالية فارتفعوا بها ومعها.

لغّتنا رائدة متسامية بليغة.. فلنفتخر بها!