لعيد الحبّ قدّيس، فلنتعرّف إليه!
هو عيد "الحبّ" كما هو متعارف عليه، ولكن لهذا العيد قدّيس أشبع قلبه بحبّ الله وعاش حياته عاملاً بوصيّة يسوع العظمى: "المحبّة"، حتّى مات شهيدًا لها... إنّه القدّيس فالنتينوس.
هو إيطاليّ الأصل، غزير العلوم، مفعم بالفضائل الكهنوتيّة وشديد الغيرة على خلاص النّفوس. هذا القدّيس الأسقف ما خجل يومًا بإيمانه المسيحيّ، فجال مبشّرًا الوثنيّين بيسوع ومحبّته اللّامحدودة، غير خائف من أيّ اضطهاد ولا من حكم الملك كلاوديوس الثّاني، مثبّتًا بذلك إيمان الكثيرين وبخاصّة المعتقلين بينهم، إذ راح يزورهم في سجنهم معزّيًا إيّاهم ومعزّزًا فيهم روح المسيحيّة.
وفي تلك الحقبة من الزّمن، منع الملك الجنود من الزّواج بحجّة أنّه يشغلهم عن الحروب، فوقف فالنتينوس في وجهه معترضًا لأنّ في ذلك مخالفة لإرادة الله، متابعًا سرًّا منح هذا السّرّ المقدّس للرّاغبين به إلى أن فُضح أمره وطرحه في السّجن مقيّدًا بالسّلاسل.
كلاوديوس الملك استخدم كلّ ما في داخله من تملّق محاولاً إقناع فالنتينوس عبادة الأصنام فيرفع من منزلته، لكنّ قدّيس اليوم وقف وقفة الجريء مجيبًا "لو كنتَ تعلم أنّ الله الّذي خلق السّماء والأرض هو إله واحد، يجب على كلّ خليقة أن تحبّه، لكنتَ تسعد أنتَ ومملكتكَ أيضًا". جرأته كانت بنظر القضاة تجديفًا، فأمر الملك أن يعاقبه القاضي أستيريوس الّذي أخذه الى بيته وقدّمه لابنته العمياء منذ سنتين راجيًا إيّاه أن يشفيها، فصلّى القدّيس إلى "نور العالم" كي "ينير آمته"، فانفتحت عيناها للحال وأبصرت النّور، وآمن أستيريوس وعائلته، ونالوا سرّ العماد على يدي الكاهن القدّيس.
هذا الأمر لم يُخفَ عن الملك الّذي قبض على القاضي وعائلته وأنزل بهم أشدّ العقوبات حتّى الاستشهاد. أمّا فالنتينوس فطُرح بدوره في السّجن لمدّة طويلة قبل أن يُضرب ضربًا مبرحًا ويُقطع رأسه ويلفظ أنفاسه الأخيرة شاكرًا الله على نعمة الشّهادة في 14 شباط/ فبراير 268.
إذًا، وفيما نحيي اليوم عيد الحبّ، لنتذكّر أنّ لهذا الشّعور السّامي قدّيس بذل حياته ليبقى اسم المسيح حيًّا ينبض حبًّا في كلّ المعمورة، قدّيس أعطى أمثولة في الشّهادة للحبّ وفي الهُيام الإلهيّ.