لا تكفيهم الحرب.. فعانوا الجوع أيضًا!
تشهد هذه البلدة، في الآونة الأخيرة، مجاعةً رفعت عدد الوفيّات، وأودت بحياة أطفال أبرياء، وسرقت من عيونهم بريق الأمل والحياة والطّفولة، وأنحفت أجسادهم، وشلّت نشاطهم، وشقّقت شفاهًا كانت تتزيّن بابتسامة الرّجاء.
فالجوع ظاهرة تاريخيّة وطبيعيّة عرفتها معظم شعوب الأرض خلال فترات زمنيّة مختلفة بسبب الكوارث الطبيعيّة والحروب؛ ولكن أن يُفرَض الجوع ويُحاصَر شعب، ونحن في القرن الواحد والعشرين نعيش التّقدّم العلميّ والتّكنولوجي، فهو أمر يثير الاستغراب ويطرح العديد من التساؤلات.
ألا يكفي أبناء سوريا دماءً وحربًا وإرهابًا وتشرّدًا وموتًا وخرابًا؟ لا، قد يبدو أنّه ينقصهم العيش بالمجاعة ليتمّموا آخر نقطة من نقاط قائمة البؤس المفروضة عليهم منذ عام 2011. أيُعقَل أن يموت أطفال تحت وطأة الجوع؟ أيُسمَح أن يستشري المرض في أجسادهم الهزيلة؟ أليس مؤلمًا أن نشاهد إخوتنا بالإنسانيّة يموتون جوعًا؟ يكفي أبناء سوريا خوف من السّلاح ورعب من القذائف. يكفي الأمّهات الثّكالى ضمّ أولادهنّ إلى صدورهنّ بعد أن يسرقهم الموت من أحضان الحياة والشّباب. يكفي الآباء الشّجعان محاربات شرسة لحماية عائلاتهم من خطر الموت الأكيد. فابتعد يا جوع عن سوريا وليغب شبحك تمامًا عن هذا البلد الذي لا تفارقه الكآبة والفقر والحرمان والعنف والذّل؛ علّ الأمل والسّلام يرفرفان فوق سماءٍ ضاعت نجومها وسط ضوضاء القصف والتّفجير مدّة خمسة أعوام مُتعبة، فتبرق يومًا ما بالفرح والصّفاء والنّقاء وتشرق فيها شمس جديدة منيرة مبشّرة بولادة البهجة والحياة.