دينيّة
25 أيلول 2018, 13:00

لا تعبدوا ربّين!

ريتا كرم
في عالم يلهث سكّانه وراء لقمة عيشهم، ويسعى أربابه إلى كسب المال لسدّ ثغرات مادّيّة، ويتغلغل فيه فساد وطمع وجشع بسبب العملات الورقيّة، ويرزح فيه الكثيرون تحت خطّ الفقر، يأتي كلام للرّجل الأغنى في سينغافورة ليضع كلّ واحد منّا أمام سؤال كبير: "الله أم المال؟".

 

وفي حين يقول متّى الإنجيليّ في فصله السّادس/ الآية 24، "ما من أحد يستطيع أن يخدم سيّدين، فإنّه إمّا أن يبغض الواحد ويحبّ الآخر، أو يلزم الواحد ويرذل الآخر، لا تقدروا أن تعبدوا ربّين الله والمال"، يؤكّد صاحب أكبر الإمبراطوريّات العقاريّة في بلاده، بحسب "Infochretienne"، أنّه فيما كان يبحث عن حياة أفضل، اكتشف أنّ لا حياة أفضل من دون المسيح، فما كان مفقودًا وجده بيسوع وحده، فاكتملت حياته وعرف السّلام والفرح. 

لعلّ هذه النّظريّة لن ترضي الكثيرين بخاصّة في الأزمة الاقتصاديّة الّتي يتخبّط فيها العالم بشكل عامّ، ولكنّها تجعلنا ننظر إلى الأمور بشكل أعمق، ونفهم المقصود من عبارة "لا تعبدوا ربّين".

في الواقع، وكما بات معلومًا أنّ الغنى الأرضيّ ليس عيبًا ولا يشكّل عائقًا أمام الغنى السّماويّ إذا عرف مقتنيه كيف يستثمره في الخير العامّ والعيش الكريم؛ فهو ليس حاجزًا طالما أنّ مقتنيه لا يقدّمه على الله.

وانطلاقًا من هنا، نرفع الدّعوة اليوم أمام كلّ ما نعاينه من ألم في عالمنا، من أجل الالتفات نحو الآخر الفقير والمحتاج فلا نبيعه بحفنة من الفضّة.

هي دعوة للتّحرّر من عبوديّة الأوراق النّقديّة، وإطلاق العنان للعطاء وتقاسم عطيّة الله مع الغير بمحبّة وفرح.

هي دعوة لمدّ الحياة إلى من يموتون اليوم موتًا رحيمًا بسبب الجوع والفقر والطّمع والمصالح الشّخصيّة وفساد الدّول والإدارات.

هي باختصار دعوة للاغتناء عند الله والتّخلّص من وثنيّة المال وتصويب أنظارنا إلى الرّبّ الغنيّ بالحبّ والرّحمة، فنكون في كلّ لحظة على هذه الأرض على مثال يسوع المسيح، غنانا الأزليّ.