دينيّة
27 نيسان 2025, 13:00

قيامة الحياة... حياة القيامة

تيلي لوميار/ نورسات
عن الحدث الأهمّ في التّاريخ: قيامة الرّبّ يسوع من بين الأموات، يتحدّث خادم وكاهن عائلة كنيسة الصّليب للرّوم الأرثوذكس في النّبعة الأب باسيليوس محفوض في مقاله الجديد، ويكتب:

"ما زلنا نحتفل ونعيش واحدة من أروع مبادىء إيماننا بالمسيح وهي قيامة الرّبّ يسوع المجيدة من بين الأموات، والتي لا تعدّ فقط ذكرى لنا نتغنّى بها من السّنة إلى السّنة، لكنّها بالفعل تمثّل لنا حياة جديدة حقيقية، وتمثّل لنا أيضًا حياة القيامة وقيامة الحياة. لذلك، فالقيامة هي الحدث الأكثر أهميّة في التّاريخ. إنّ قيامة المسيح حدث يميّز المسيحيّة عن كلّ الأديان التي أسّسها قادة مائتون بينما رأس إيماننا ورأس الكنيسة هو المسيح القائم من بين الأموات.

قيامة المسيح تعني يا أيّها المؤمنون تألّه الطّبيعة البشريّة وقيامتها. بقيامة المسيح أصبحت الحياة وأصبح الموت يأخذ معنى جديد. الحياة بالقيامة تعني الشّركة مع الله. لم يعد الموت نهاية هذه الحياة الحاضرة، بل هو ابتعاد الإنسان عن المسيح، انفصال الجسد المائت لم يعد ينظر إليه على أنّه موت، إنّه رقاد مؤقت. لذلك القيامة لها هدف وغاية في حياتنا، إذ ما هي غاية وجودنا إن كنّا "نأكل ونشرب لأنّنا غدًا نموت" (1كورنثوس 32:15)…

تصوّروا إنسانًا يولد، ليتعب فى حياته اليوميّة جسديًّا وذهنيًّا وروحيًّا ونفسيًّا… يجاهد في الدّراسة والعمل… ويتقبّل ضغوطًا نفسيّة رهيبة من الحياة اليوميّة ومصادمات البشر… ثم يصارع ضد الشّهوات والجسد والعالم والذّات والشّيطان… ويجاهد في تحصيل العلوم والنّموّ في عمله… ثم تضعف صحّته، وتطحنه السّنون والأمراض والمتاعب، لتنتهي حياته إلى لا شيء؟! ما معنى هذا كلّه، لو لم تكن الأبديّة أيّ القيامة في قلبه، والملكوت أمامه، والخلود غايته؟ إنّ هذه الحياة الأرضيّة الدّنيا هي فانية، إذا ما قيست بالحياة الأبديّة السّماويّة، التي تتّصف بالتّسامي والارتفاع. لهذا ترى الكنيسة فى الموت رقادًا، اقتداء بالرّبّ الذي قال عن لعازر إنّه "قد نام"… القيامة – إذن – تعطي الحياة هدفًا وغاية، "هذه هي الحياة الأبديّة، أن يعرفوك أنت الإله الحقيقيّ وحدك، ويسوع المسيح الذي أرسلته" (يوحنّا 3:17).

فما قيمة حياتنا الأرضيّة بدون القيامة والحياة الأبديّة. شكرًا لله من أجل عقيدة القيامة، لأنّه بمقتضاها، الجسد: سيقوم جسدًا روحانيًّا، نورانيًّا، خالدًا لا يعتريه المرض، ولا تطاوله الخطيئة، ولا يخضع للموت. النفس: تهدأ بين يدي الله، في عالم لا تتسلّل إليه التّجارب والقلق والهموم، عالم هرب منه الحزن والكآبة والتّنهد، وفوق الكلّ، في شركة مع الله وملائكته. الرّوح: تقوم طاهرة بلا فساد، لتدخل إلى فرح الملكوت، وتتمتّع بأمجاد القيامة، والجلوس في عرش الله، والتّقدّم نحو معرفة أعمق بشخصه المحبّ، وروحه القدّوس.

القيامة، تعطي الطّبيعة البشريّة قيمة خاصّة، وإلّا صارت مشابهة للحيوانات التي تنتهي حياتها بموتها، ونفسها في  دمها، ولا أبديّة لها.

لذلك القيامة هي قوّة حياة جديدة وُهِبت للإنسان بقيامة المسيح لنحيا بها، فيقول بولس الرّسول لأهل كورنثوس: "فنحيا لا لأنفسنا بل للذي مات من أجلنا وقام" (2 كو 5 : 15). إذًا، القيامة هي حياة في المسيح، ومن أجل المسيح فقط .

القيامة تُذكّرنا دائمًا أنّنا نتبع إلهًا قويًّا قديرًا، استطاع أن ينتصر لنا على الموت بعد أن كان الموت أمرًا مُفزعًا. لقد قام المسيح وانتصر عليه، وأصبح قبر المسيح هو القبر الوحيد الفارغ من بين كلّ القبور، واستطاع المسيح أن يحوّل هذا مشهد القبر الحزين إلى مشهد مليء بالرّجاء والحياة. اليوم، لو عشنا بالفعل معنى القيامة فسوف يُعطينا الله النّصرة على الخطيئة وعلى إبليس وعلى الموت. اليوم، لو عشت بالفعل معنى القيامة فسوف يقيمنا الله من قبر الخطيئة الذي يحتوينا."