ثقافة ومجتمع
30 كانون الثاني 2018, 14:00

قطعا معًا 4500 كيلومترًا في مسيرة حجّ من فرنسا إلى القدس

ريتا كرم
26 أيّار/ مايو 2017 تاريخ بدأ فيه كلّ شيء بالنّسبة للفرنسيّين فلورانس وغوتييه. يومها قالا "نعم" ربطت قلبيهما إلى الأبد ببركة الله، فقرّرا أن يبدآ فصلاً جديدًا من حياتهما معًا بخطوة جريئة وغير عاديّة، خطوة توّجت بخطوات ساراها معًا على طول 4500 كيلومترًا من فرنسا إلى القدس.

 

هما تركا كلّ شيء، تنقل عنهما بطريركيّة القدس للّاتين. استقالا من عمليهما وحزما أمتعة تفي حاجات ستّة أشهر وبدآ مسيرة بناء أسس علاقة متينة مبنيّة على إيمان قويم، وانطلقا في رحلة حجّ قطعا خلالها 14 دولة وصولاً إلى وجهتهما القدس حيث تمنّيا أن يمضيا عيد ميلاد يسوع.

إلى جانب حاجياتهما المادّيّة، كان لا بدّ للزّوجين من التّزوّد روحيًّا فقرآ عددًا من الكتب حول أخلاقيّات الحجّ الدّينيّ، ومضيا في سبيلهما بتشجيع من الأصدقاء والعائلة.

هذه المسيرة كانت بالتّأكيد محفوفة بالمصاعب، فهما في بادئ الأمر تعبا وأنهكا جسديًّا حتّى قرّرا العودة، إلّا أنّ العناية الإلهيّة كانت تثبّت خطاهما حتّى مرّ الشّهران الأوّلان واعتاد جسديًّا على هذا النّمط، وأضحيا نفسيًّا أقوى وتحفّزهما اللّقاءات الّتي كانا يقومان بها أثناء مسيرتهما. لقاءات عزّزت معرفتهما بالحضارات والثّقافات والشّعوب المختلفة، وفتحت لهما المجال لاكتشافات عديدة ساعدتهما على فهم العالم بشكل أفضل والاقتراب من الله بطريقة أسرع، مكتشفين من خلال ما عايشاه عناية الله الحاضرة في كلّ تفاصيل تلك الرّحلة، ويد مريم تحضنهما وتحميهما.

وبعد ستّة أشهر من السّير على الأقدام، حقّق فلورانس وغوتييه هدفهما ووطئا الأراضي المقدّسة وأحيا ميلاد الرّبّ يسوع في بيت لحم وعادا في نهاية العامّ إلى بلدهما الأمّ حاملين شهادة محبّة ورجاء وإيمان بأنّ الإنسان الطّيبّ لا يزال موجودًا في مختلف أصقاع الأرض ومن كلّ الدّيانات.

واليوم، هل نجرؤ أن نتخلّى عن كلّ شيء في حياتنا ونذهب في مغامرة روحيّة لا نعمل خلالها شيئًا سوى الإصغاء إلى صوت الله من خلال الآخر ومعاينة صورته بخاصّة في عيون المختلفين عنّا؟