ثقافة ومجتمع
23 آب 2017, 07:07

قصّة اليوم: "لو تأنّى يستجيب"

عشت في بيت خالي وزوجته معتقدًّا أنّهما أبواي إلى أن أخبرني أحد المدرّسين الّذي ظن نفسه ذكيًّا أنّ هذا الرّجل ليس والدي، فصُدمت كثيرًا ولكن خالي أوضح لي إنّني تيتّمت صغيرًا وإنه مثل والدي ويعتبرني ابنه من صلبه وأكثر. وكان خالي رجل صلاة، يأخذني معه دائمًا إلى الكنيسة فتعوّدت فكانت ملاذي في كلّ مرّة أشعر فيها بضيق أشكو لله همومي فأخرج هادئًا متفائلًا.

 

بعد فترة، توفي خالي وشعرت بأنّني غير مرحّب بي وأنّه عليّ أن أبحث عن مكان آخر، شكرت زوجة خالي، أخذت حقيبتي وذهبت إلى الكنيسة وبكيت مطوّلًا طالبًا من الله أن يدبّر أمري وظللت أسير في الشوارع حتى رآني اثنان من أصدقائي وعرفا قصّتي، فاستضافني أحدهما بعد أن أخذ موافقة والده، حتى نهاية السنة (الثانوية العامة) فشكرته، ولأن المنزل كان صغيرًا فقد كنت أدرس تحت عمود الكهرباء في الشّارع وكانت كلّما ضاقت بي السبل أذهب إلى الكنيسة واستمدّ القوّة وأعود بحماس كبير.
دخلت الكليّة بمنحة التفوّق ولكن أين المبيت والكتب والمصاريف؟ فذهبت إلى الكنيسة وبينما كنت أبكي أمام أيقونة مريم العذراء رآني الكاهن فسألني عن قصّتي أخبرته فعرض عليّ أن أسكن في بيت الطلبة مجّانًا. فرحت جدًّا وشكرته. وعملت في المساء في مقهى مجاور. في يوم كنت أشعر فيه بإحباط كبير، عاتبت إلهي وردّدت مزمور داود : "إلام يا ربّ، ألِلأبد تنساني؟ إلام تحجب وجهك عنّي" (مز 12: 2) وبكيت كثيرًا حتى تعبت ونمت تحت أيقونة العذراء وإذ بي أراها جميلة منيرة، يشع منها السّلام والفرح وقالت لي عبارة لن أنساها أبدا "لو تأنّى يستجيب". ثم استيقظت وشعرت بقوّة غريبة وتفاؤل عجيب.

مضت الأيّام وتخرّجت من كليتي بتقدير جيد جدًّا وكانت فرحتي عظيمة. ذهبتإلى الكنيسة وشكرت السّيّدة العذراء وأهديتها نجاحي. بعد أسبوع، فؤجت بوالد أحد زملائي الأثرياء يرسل لي ابنه ويطلب منّي مقابلته، فرتّبت ثيابي القديمة قدر المستطاع وذهبت لمقابلته، فأخبرني أنّه يعرف قصّة جهادي وتفوّقي وأنّه يطلبني للعمل لديه براتب مذهل .فرحت جدًّا وكالعادة ذهبت إلى الكنيسة لأشكر إلهي وأمّي.

وفي غضون 3 سنوات كان راتبي قد تضاعف ولم أعرف كيف أردّ للرّبّ كلّ حسناته، فصمّمت أن أدفع عن طريق الكاهن أجرة مبيت الطلبة غير القادرين في بيت الطلبة. وكلّما مرّت بي ضائقة من إي نوع أعود بسرعة لأردد بكل ثقة كلمات السّيّدة العذراء "لو تأنّى يستجيب".