قصّة اليوم: لا تحمل همّ الغد
فردّ الرجل : المحصول يا أبانا ... محصول القمح .؟
- ما به المحصول ؟!
– جاء ناقصًا هذا العام وعائلتي معرضة للجوع خلال شهرين!
- وكيف ذلك؟
- أنت تعلم يا أبونا أني رجل أعول أسرة كبيرة، تستهللك كل شهر عشر كيلوغرامات من القمح ومحصول الحقل الذى أملكه مساوٍ لاحتياجاتي فهو عادةً 120 كيلو، ولكني بعدما جمعت القمح بالمخزون هذا العام وجدته 100 كيلو فقط ولذا تجدني في هم : من أين آتي بخبز للاسرة للشهريين الباقيين؟ علمًا بأني رجل محدود الدخل، ليس عندي مصدر آخر للحصول على مال لأشتري به قمحًا من جهة أخرى .
قال الكاهن : ولهذا السبب لم تحضر القداس في المرتيين الاخيرتين ؟!
قال المزارع : نعم ... إن المشكلة جعلتني أنسى!
- هل لهذه الدرجة تحمل الهم ؟ اسمع يا ولدي! يمكنك أن تخلص من القلق وتنام مستريحًا الليلة وكل ليلة، وتعود الى وجهك الابتسامة الجميلة، وتذكر حقوق الله عليك فتعود الى الصلاة وحضور القداس. بشرط أن تُطيعني فيما أُشير به عليك، ولا تسألني عما سأطلبه منك.
- حاضر يا أبي، أريد أن أخلص من الهم والغم بأي ثمن.
قال له الكاهن : كل ما أطلبه أن تأمر امرأتك بأن تذبح دجاجة وتسلقها وتحمّرها وتحضرها هنا.
قال المزارع : هذا أمر بسيط ! وبعد فترة قصيرة كانت الدجاجة مجهزة كما طلب الكاهن.
فقال الكاهن الحكيم : ضعها في وعاء مغطى، ولفها بقطعة قماش محكمة مع عدة أرغفة. ولما نفّذ الرجل قال الكاهن : هيا بنا الآن نخرج الى جهة سأعينها لك. - وماذا سنفعل بالدجاجة والخبز؟
- ستعرف الآن. واذكر أننا اتفقنا على الا تسأل!
وخرج الاثنان من الدار، والرجل حامل الطعام الشهي والخبز الطري الجميل. وسارا بمحازاة الشاطىء حتى اقتربا من كوخ متواضع عند طرف القرية وقال الكاهن : أطرق باب هذا الكوخ فاذا فتحت لك الارملة الساكنة فيه فقل لها خذي هذه دجاجه وخبز العشاء لك أنت ولأولادك الليلة. فاذا رفضت أن تأخذها منك فأطلب منها أن تبقيها للصباح. أما أنا فسوف أجلس بين الزروع قليلاً، في انتظار عودتك لتخبرني بما سيكون.
وأطاع الرجل وطرق الباب ففتحت له الارملة واثنان من ابنائها. فقال لها الرجل : "خذي الدجاجة المحمرة وهذه الارغفة عشاءً لك هذه الليلة " فقالت : "الحمدلله، لقد تعشّينا أرسله لنا الرب على يد أحد الرجال المحسنين".
فقال الرجل "ابقيها عندك الى الصباح لتتغدوا بها غدًا."
فقالت المرأه : "وهل تضمن لنا أن نعيش الى الصباح ؟! إنني يا سيدى أعيش حسب الكتاب المقدس" : "ولا تهتموا للغد لأن الغد يهتم بنفسه يكفي اليوم شره." ، توفي زوجي منذ سنوات وترك لي خمسة أبناء ولكن الله لم يهملنا ولم يتركنا لأننا متوكلون عليه. صحيح أني أعمل لأعيل أولادي لكن مطالب الحياة كثيرة لا يكفي جهدي لسدّها والرّبّ لم يتركنا، كل يوم يرسل لنا إحسانًا". وأنا لا أعرف الهم أو القلق، فالمسيحي لايصح أن يعيش قلقًا مهمومًا، نحن أفضل من طيور كثيرة وكما الرّب أوصانا ألا نهتم بالغد. أنا لا أستطيع أن أخالف وصية الله، عشت سنين طويلة أرملة ولم يتركنا نشعر بالاحتياج يومًا حتى لو قليلاً فإن الهنا يبارك، فأنا لا أستطيع أن أكسر الوصية وآخذ الاكل.
ثم رجع الرجل ومعه الطعام وقال : هذه المرأه أعطتني درسًا عظيمًا، درس الاتكال على الله لن أحمل هم الغد. سامحني يا أبتي.