ثقافة ومجتمع
18 نيسان 2017, 13:14

قصّة اليوم: ثلاث فرص

كان هناك حدّاد يتذمّر دائمًا على آدم وحواء وطوال فترة عمله كان يقول "الله يسامحك يا أبونا آدم، الله يسامحك يا أمّنا حواء" حتى ظهر عليه ملاك في أحد الأيام وسأله ما به. ردّ الحدّاد وقال : الله يسامحكما يا أبونا آدم وأمّنا حواء .

الملاك : لماذا تقول هكذا؟
الحدّاد : لو لم يأكلا من شجرة معرفة الخير والشّر لبقيا في الجنّة، الله يسامحهما. 
الملاك : لو كنت أنت مكانهما ماذا كنت ستعمل؟
الحدّاد : كنت سأرفض طبعًا طلب الحيّة بأن آكل من الشجرة، فهل أكون في الجنّة وأخرج منها؟
الملاك: أأنت متأكد؟
الحدّاد : طبعًا.
عندها أخذه الملاك إلى مكان جميل مليء بشجر وفواكه من كلّ نوع. وما أن رأى الحدّاد المكان انبهر وفرح كثيرًا .
الملاك : ما رأيك؟ 
الحدّاد : ولا أجمل!
الملاك : لن تخرج من هنا إلّا في حالة واحدة وهي أن تفتح النوافذ الثلاث .
الحدّاد : من غير الممكن أن يكون عندي كلّ هذا الخير والنعيم وأتركه؟  لن أفتح هؤلاء النوافذ. 
تركه الملاك ومضى. وبعد فترة نَسيَ الحدّاد الموضوع وفتح النافذة الأولى، ورأى انسانًا عجوزًا يعمل بجهد محاولًا رفع الماء من البئر ورميه على الأرض والمياه تعود وتنزل في البئر مره أخرى وهكذا دواليك.
نادى عله الحدّاد وقال: يا عم، المياه تنزل في البئر من جديد، مجهودك الكبير يذهب سدى. 
فجأة ظهر الملاك وقال له: ما دخلك؟ هذه أول فرصة ضاعت منك، انتبه وحافظ على الاثنين المتبقيتين. 
رد الحدّاد وقال: لا! لا! لا! كيف فعلت كذلك؟ من غير الممكن أن أفتح أي نافذة أخرى! 
وبعد فترة، وبطبيعة الحال، ملّ الحدّاد وقال في نفسه: افتح النّافذة وأرى ماذا وراءها.
فتح النّافذة الثانية ورأى جزّارين اثنين، الأوّل يعرض لحمًا شكله جميل ونظيف لكن لا يوجد عنده زبائن والثّاني يعرض لحمًا فاسدًا ورائحته كريهة جدًّا لكن عنده زبائن. وكلّما زاد سعره يقصده المزيد من الناس.
نظر الحدّاد وقال: ما بال هؤلاء الناس الجهّل يشترون اللّحم الفاسد بسعر غال ويتركون الجزّار الجيّد صاحب اللّحم النّظيف بسعر أقل. 
ظهر الملاك وقال له : ما دخلك أنت؟ انتبه، يتبقى لك فرصة واحدة!
الحدّاد قال للملاك: من غير الممكن أن أخسر الفرصة الأخيرة. 
وبعد فترة ملّ الحدّاد وعاش في صراع مرير بين أن يفتح النّافذة أو لا. في النهاية قال لن أفتح النّافذة إنما سأنظر من خلالها. وفعلاً نظر الحدّاد ورأى إنسانًا خائفًا من قطّة وكان يضربها ليبعدها عنه وكان ورائه أسد مفترس يجري عليه وسيفترسه، فتح الحدّاد النّافذة بسرعة ونادى على الرّجل: انتبه! انتبه! يوجد أسد وراءك سيفترسك .
ظهر له الملاك وقال له: ما دخلك أنت؟ أضعت الفرصة الثالثة! أتعتب على آدم وحواء الّذين أخذا فرصة واحدة؟ أخرج من هنا.