ثقافة ومجتمع
04 أيار 2017, 09:15

قصّة اليوم: اللعبة التي تتمنّاها أختي الصغيرة

في يوم وبينما كنت في أحد المتاجر الكبرى مررت صدفةً في قسم الألعاب، فلاحظت طفلًا في الخامسة من عمره، يحمل لعبة جميلة يداعب شعرها ويشدّها إليه بكل حنان، توجّه إلى امرأة واقفة بالقرب منه وسألها "عمّتي، هل أنت متأكدة أنّه لا يوجد لديّ مال كافٍ؟"، أجابته المرأة بقليل من الصبر "أنت تعلم أنّه لا يوجد معك مال كافٍ لشرائها!"، ثم سألته عمّته أن يبقى حيث هو وأن ينتظرها إلى حين عودتها، وذهبت مسرعةً. كان الطفل ممسكًا باللعبة وعلامات الحزن بادية عليه.

 

اتجهت إليه وسألته لمن يريد إهداء هذه اللعبة، أجابني "هذه هي اللعبة التي تتمنّاها أختي الصغيرة، كانت متأكدة أنّ بابا نويل سيهديها إياها في عيد الميلاد"، فقلت له أنّه ربما سيجلبها لها، أجابني بحزن كبير "لا، لأنّ بابا نويل لا يستطيع الذهاب حيث هي الآن، يجب أن أعطي هذه اللعبة إلى أمي لتأخذها لها معها"، وكانت الدموع تملأ عيناه عندما أردف "أخبرني والدي إنّ أختي ذهبت لتلتقي يسوع وأمي ستذهب قريبًا لملاقاته أيضًا، لذا فكّرت أنّها تستطيع أن تأخذ معها اللعبة وتعطيها لأختي".

شعرت وكأنّ قلبي توقف، رفع الصغير نظره إليّ وقال لي "طلبت من والدي ليقول لأمي ألا ترحل بسرعة، أن تنتظرني بعد عودتي من المتجر"، ومن ثمّ أراني صورة أخذت له في المخزن وهو حاملًا اللعبة وقال لي "أريد من أمي أن تحمل معها هذه الصورة وهكذا لن تنساني، فأنا أحبّ أمي ولا أحبّ أن تتركني لكن قال لي والدي أنّها يجب أن تذهب مع أختي"، ثمّ حنى رأسه بصمت، فسألته "لنعدّ مالك مرّة أخرى للتأكّد"، ومررت مبلغًا من المال بين ماله وبدأنا بالعدّ. كان بحوذتنا مبلغ كافٍ لشراء اللعبة وأكثر، فتمتم الصغير "شكرًا يسوع لأنّك أعطيتني مالًا كافيًا" من ثمّ نظر إليّ وقال لي "أتعلم، طلبت من يسوع أن يساعدني لأشتري اللعبة لتأخذها أمي معها إلى أختي. وأريد أيضًا مالًا إضافيًّا لأشتري وردة بيضاء لأمي ولكنّني لم أجرؤ أن أطلب، وها هو قد أعطاني مالًا كافيًا لأشتري اللعبة والوردة. أمي تحبّ الورود البيضاء". بعد دقائق قليلة عادت عمّته، فابتعدتُ متأثرًا بهذا الصغير.

وبينما كنت خارجًا من المتجر أفكّر بهذا الطفل، تذكّرت مقالًا يعود لأيّام خلت يتحدّث عن سائق ثمل اصطدم بسيّارة تقودها امرأة ومعها ابنتها، ماتت الإبنة والأم في حالة حرجة جدًّا، فرحت أتسأل إن كانت هذه عائلة هذا الصغير.

بعد يومين قرأت في الصحيفة أن الوالدة توفّت. أخذت باقة من الورد الأبيض وتوجّهت إلى الكنيسة حيث كانت جثّة المرأة الشّابة في يدها وردة بيضاء مع اللعبة. وضعت باقة الورد وخرجت باكيًّا وشعرت أن حياتي كلّها قد تغيّرت. إنّ محبّة هذا الصغير لأمّه وشقيقته كانت كبيرة جدًّا وفي ثانيّة واحدة شخص ثمل كان السّبب بخسارة لا تعوّض.