ثقافة ومجتمع
24 شباط 2017, 07:27

قصة اليوم: وعاد كيس الخير

كان يستقلّ سيّارته الفارهة كل يوم وكان من واجبي عليّ أن أحيّيه فهو سيّدي لأني أعمل ناطورًا في قصره وكعادته لا يردّ التحيّة ...وفي يوم من الأيام، رآني وأنا ألتقط كيسًا فيه بقايا طعام، ولكنّه كعادته لم ينظر إليّ وكأنه لم يرَ شيئًا .

 

وفي اليوم التالي، وجدت كيسًا في نفس المكان ولكن الطعام فيه كان مرتّبًا وكأنه اشتري الآن من البائع. لم أهتم للموضوع أخذته وفرحت به، وكنت كلّ يوم أجد نفس الكيس وهو مليء بالخضار وحاجيات البيت كاملة فكنت آخذه، حتى أصبح هذا الموضوع روتينيًّا. وكنا نقول أنا وزوجتي وأولادي "من هذا المغفّل الذي ينسى كيسه كل يوم ؟".
وفي يوم من الأيام شعرت بضجّة في القصر، وفهمت أن السّيّد قد توفيَ، فجاء الكثير من الزائرين في ذلك اليوم.
ولكن كان أتعس ما في ذلك اليوم، أن المغفّل لم ينس الكيس كعادته أو أن أحدًا من الزوار قد سبقني إليه !!
وفي الأيام التالية أيضًا لم أجد الكيس، وهكذا مرّت الأيام من دون أن أراه مما زاد وضعنا المادي سوءًا، وهنا قرّرت أن أطالب السّيدة بزيادة الراتب.
وعندما حدّثتها بالموضوع قالت لي باستغراب "كيف كان الرّاتب يكفيك وقد صار لك عندنا أكثر من سنتين ولم تشتك، فماذا حدث الآن ؟ "
حاولت أن أبرّر لها ولكن لم أجد سببًا مقنعًا فأخبرتها عن قصّة الكيس. سألتني "ومنذ متى لم تعد تجد الكيس؟" فقلت لها "بعد وفاة سيدي". وهنا انتبهت لشيء، لماذا انقطع الكيس بعد وفاة سيّدي مباشرة ؟ فهل كان هو صاحب الكيس ؟ وتذكّرت معاملته التي لم أرَ منها شيئًا سيئًا سوى أنه لا يردّ السلام .
فاغرورقت عينا سيّدتي بالدموع، وحزنًا على حالتها، قرّرت العدول عن طلبي .
وعاد كيس الخير إلينا، ولكنّه كان يصلنا إلى البيت وأستلمه بيدي من ابن سيّدي، وكنت أشكره فلا يردّ عليّ،
فشكرته بصوت مرتفع فانتبه وقال لي "اعذرني، فأنا ضعيف السّمع كوالدي".