ثقافة ومجتمع
01 شباط 2017, 15:01

قصة اليوم: محبّة أمّ

بعدما أفاقت الأم من نومها إثر ولادة مؤلمة، طلبت من الممرضة رؤية ابنها الذي انتظرته لسنين طويلة، أحضرته الممرضة ثم خرجت، عندما همّت الام برفع الغطاء عن وجهه، أخافها ما رأت !طفل بلا اذنين!إلا أنها ابتسمت في وجهه ورفعت يديها وشكرت الله على عطيّته مهما كانت، واحتضنت الطفل وهمست إليه "أنت ابني مهما تكون" .

 

ومع الأيام، واجهت الأم صعوبات كثيرة إثر مضايقة أصدقائه وجيرانه وأقربائه إلا أنّها كانت دائمًا مبتسمة في وجهه وداعمة له .
وهي لن تنسى تلك المرة التي رمى بنفسه في أحضانها باكيًّا من استهزاء أحد أصدقائه عليه، وتسميته بالوحش، إلا أنّها قالت له "أحبّك كما أنت"​ .
على الرغم من هذه الإعاقة إلا أنّ آداؤه كان متميّزًا في الدراسة، حتى أنّن دخل كليّة مرموقة، يدرس السياسة والعلاقات الانسانيّة .

وفي أحد الأيام، كان والده جالسًا مع أحد الجرّاحين المشهورين، فحكى له مأساة ابنه وقال له الطبيب "أنّ هناك عمليات نقل للأذنين، ولكننا في حاجة لمتبرع". فوافق الأب على إجراء العمليّة عندما يظهر أي متبرع.
وبعد فترة من الزمن، اتصل الطبيب بالأب، وقال له "لقد وجدنا المتبرّع لإجراء العمليّة لإبنك"، سأل الأب عن اسم المتبرع ليشكره، فرفض الطبيب ذكر اسمه، بناءً على رغبة المتبرّع .
وأجريت العمليّة بنجاح، وأصبح الطفل الوحش رجلًا وسيمًا. وهذه الحالة الجديدة، دفعته للتفوّق أكثر فأكثر، حتى أصبح سفيرًا لبلاده، وتزوّج بمن أحبّها، إلا أنّه، وبعد سنوات من إجراء عمليّته، ظلّ يتساءل عن الشّخص الذي قدّم له أذنيه! هل كان متوفيًّا دماغيًّا، ومن هم ذووه؟ هل كان شخصًا مريضًا؟ 
أسئلة كثيرة، ومن دون أجوبة دائمًا تجول في خاطره ولا تفارقه أبدًا .سأل أباه عدّة مرات عن المتبرّع، وقال له إنّه يحمل له الكثير من التقدير والعرفان بالجميل، ولا يستطيع أن يكافأه لأنّه كان له الدور الكبير في نجاحاته المتعاقبة في حياته. فابتسم الأب قائلاً له "صدقني، حتى لو عرفته فلن تستطيع أن توفيه حقّه".

وفي أحد الأيام، زار الإبن بيت والديه بعد سَفر طويل، أمضاه في دولة أجنبيّة في إطار عمله، حاملًا لهما الكثير من الهدايا، كان من ضمن الهدايا قرطان ذهبيّان اشتراهما لأمه .
كانت الدّهشة للأم كبيرة عندما شاهدت جمال هذين القرطين، حاولت رفض الهديّة بشدّة، وقائلة له إن زوجته أحقّ بهما منها، فهي أكثر شبابًا وجمالًا. إلا أن إصرار الإبن كان أكبر من إصرار والدته، وأخرج الابن القرط الأول ليلبسها إياه، وعندما اقترب منها، وأزاح شعرها أصابه الذهول عندما رأى أمّه بلا أذنين​!
عرف الإبن بأن أمّه هي من تبرّع له بأذنيها! فأُصيبَ بصدمة، وأَجْهَشَ بالبكاء. وضعتْ الأمُ يديّها على وجنتي ابنها وهي تبتسم  قائلة له "لا تحزن، فلم يقلّل ذلك من جمالي أبدًا، ولم أشعر بأني فقدتهما يومًا، أنّت لا تمشي فقط على رجليك، إنما تخطو على قلبي أينما ذهبت" .