ثقافة ومجتمع
06 أيار 2016, 12:50

قصة اليوم : ليتني أكون كأخيك

كان جاك من المتفوقين في دراسته، فلطالما صرف الليالي في الدرس والسهر، وكان مصدر افتخار جميع أهله واصحابه. والان، وبعد أن أنهى دروسه الجامعية، وفي يوم تخرّجه، فوجئ بشيء لم يكن في الحسبان جعله يطير من الفرح. فقد قدّم له أخوه الكبير، سيارة جديدة كمكافأة له.

 

أخذ جاك تلك السيارة، وهو يشعر بالعجز عن التعبير عن الشكر لأخيه... لانه لا شك بإنه دفع ثمنها غالياً، فكان كل يوم يحرص على أن تبقى نظيفة وبرّاقة... وغالباً ما كان يصطحب رفقاه متفاخراً بتلك السيارة الشهباء وهي تلمع تحت أشعة الشمس...

وذات يوم، مرّ ولد فقير من أمام بيت جاك، وأخذ يتأمل بتلك السيارة الجديدة، وهو يدور حولها ويتمتم... التفت اليه جاك وناداه قائلاً "هل أعجبتك السيارة ايها الولد؟"، التفت اليه الولد الفقير مجيباً "هل هذه هي سيارتك يا سيد؟" أجابه "نعم هذه لي، فلقد قدمها لي أخي هدية منذ أسبوعين"، "ألم تكلّفك أنت اي شيء؟"، "لا أبداً"، أجاب الولد بحسرة "هذه أمنيتي، فيا ليت.." أجابه جاك، "تعال معي، سآخذك مشوار، لترى كم هي مريحة وجميلة." ركب جاك في السيارة، وجلس بجانبه الولد الفقير، وكأنه يركب لأول مرة في سيارة، فكان مذهولاً للغاية، لا يصدق ما يحصل له... فلم ينطق بكلمة البتة... وقبل أن يعودا، طلب منه ذلك الولد: "هل بإمكانك أن تمر من أمام بيتي؟" ابتسم جاك لدى سماعه سؤال الولد...فقال في نفسه... لما لا... فإن ذلك الولد يرغب أن يري رفقاه بأنه يركب في سيارة جديدة...

مرّ جاك بسيارته الجديدة في شارع صغير، حيث كان يسكن ذلك الولد الفقير، ولدى اقتراب سيارته من مدخل ذلك المبنى سأله الولد... "هل بإمكانك أن تنتظرني لحظة ههنا؟"...

فصعد الولد بسرعة على الدرج متجهاً نحو منزله، وبعد لحظات معدودة عاد، لكنه كان ينزل الدرج بثقل وببطئ. نظر جاك الى الولد، وإذ به حاملاً بذراعيه أخيه الصغير المفلوج... أقترب الولد من تلك السيارة الجديدة وهو حاملاً أخيه وابتسامة عريضة على وجهه رغم ثقل أخيه، ثم خاطب أخاه المفلوج قائلاً "أنا أعلم بأنك لا تقدر أن تمشي لترى تلك السيارات الجميلة... ولكن هل ترى هذه السيارة الجديدة.... لقد قدّمها له أخوه الكبير هدية، وأنا، أريد أن أكون مثل أخيه... ففي يوم من الأيام سأقدم لك يا أخي سيارة مثل هذه.... هدية."

 إننا نعيش في أيام، كثرت فيها الأنانية ومحبة الذات... فما أكثر الذين يريدون دائما أن يأخذوا، ظناً، بأنهم كلما ازدادت مقتنياتهم، إزدادت سعادتهم أيضاً... لكن هذه ليست السعادة الحقيقة... إن السعادة الحقيقية هي في القناعة... وإن العطاء أفضل من الأخذ... فهل لك في هذا الاسبوع أن تشارك غيرك بما عندك...

لم يقل هذا الفقير... يا ليت لي أخ كأخيك... بل قال، يا ليتني أقدر أن أكون كأخيك...