ثقافة ومجتمع
29 كانون الأول 2014, 22:00

قصة اليوم : لا تستسلم ابداً لليأس

يسمعها من والده، فهو الطفل السابع (آخر العنقود) ومع ذلك كان أبوه يسيء معاملته بشدة حتى أنه ضربه بالسياط في الشارع على مرأى ومسمع من الجيران في مدينة ميلانر بولاية أوهايو الأمريكية. لكن الله الذي لا ينسى أحداً، عوّضه بأمٍ فاضلة أدركت بحاسة الأمومة أن مستقبل هذا الطفل سيكون عظيماً لأنه كان دائم التفكير .وعندما بلغ الـ7 من عمره أصيب بحمى قرمزية، كان من مشاكلها إصابته بصمم جزئي، لهذا طرده المدرس من المدرسة بعد 3 شهور، فقد شك في قواه العقلية وقدرته على الدراسة، لكن الأم الحنون المؤمنة بابنها أجابته : إن ابني يحمل فوق كتفيه رأساً فيها من الذكاء أكثر مما في رأسك ورؤوس كل المدرسين. قررت الأم أن تترك عملها كمدرّسة وتتفرغ للعناية بطفلها توماس، ساعدته على القراءة، علّمته الجغرافيا، عاونته في تنمية مهاراته.

عندما بلغ الـ13 من عمره، بدأ يبحث عن عمل، فمنحته أمه قطعة أرض ليزرعها، فزرعها وباع منتجاتها بالمدينة، كما عمل كبائع للصحف حتى يستطيع أن يوفر ثمن تذكرة القطار للذهاب إلى المدينة. كان أول معمل يعمل فيه هو عبارة عن عربة قطار قديمة جعلها معملاً لتجاربه، لكن حدث أن اشتعلت النار في العربة وهو يجري إحدى تجاربه، فصفعه مفتش القطار صفعة قوية سببت له صمماً كاملاً بقية حياته.
كالعادة لم يستسلم توماس لعاهة الصمم، بل قال : لقد منحني الصمم فرصة للتفرغ والقراءة والابتعاد عن الضوضاء والثرثرة، أعطاني القدرة على التركيز، جنبني أن أسمع ما لا يفيد. تفرغ توماس لتجاربه، حقق ابتكاراً طالما داعب خيال الانسان. فقد ابتكر الفونوجراف، أما أهم اختراع له فهو الكهرباء، فقد اخترع المصباح الكهربائي، ووضع نظاماً لتوزيع الكهرباء جعل من الممكن استخدام الكهرباء في المنازل، اتهمه الناس بالجنون في أول الأمر، ثم توالت الاختراعات، المولدات الكهربية، كاميرات السينما .
ساهم في اختراع التليفون والميكروفون والتلغراف والآلات الكاتبة، حتى أصبح من أهم المخترعين، وقدّم للبشرية أكثر من 1000 اختراع .
لكنه قط لم ينس فضل أمه، فقد قال يوماً : لقد كان من الممكن أن يتغيّر مجرى حياتي لو لم تكن تلك المرأة أمي، فلولاها لما وُجدت، من دونها ما تعلمت، بفضلها أصبحت ما أصبحت، هي صانعتي ومدرّستي وملهمتي، من أجلها عملت ونجحت وعشت وقدمت لها وللإنسانية عصارة فكري وكفاحي.
لكن حياته لم تكن بتلك البساطة التي تقرأ بها قصته يا قارئي العزيز، ففي عام 1914 احترقت معامله بكل معداته وآلاته وصور اختراعاته مرة واحدة. قدرت الخسائر بمليونين من الدولارات (وهو مبلغ مهول في ذلك الزمان)، ماذا فعل يا ترى ؟ وقف أمام حطام آماله في اليوم التالي وقال : هذه كارثة حقاً، لكنها لا تخلو من نفع، فقد التهم الحريق جهدي ومالي ولكنه خلّصني أيضاً من أخطائي. شكرا لله، نحن نستطيع أن نبدأ من جديد بدون أخطاء.
هذا هو الطفل الغبي البليد كما وصفه أبوه، هذا هو الذي شكَّ المدرّس في قواه العقلية، هذا هو توماس أديسون (1847- 1931) العالم الأمريكي الذي بدّد الظلام باختراعه للمصباح الكهربائي، لم يستسلم قط لليأس، بل جعل من اليأس أملاً ومن الليل فجراً ومن الظلام نوراً أضاء للبشرية كلها.
من أشهر مقولاته التي تندهش أن يكون هو قائلها : العبقرية 1% وحي وإلهام و99 % عمل وعرق وجهد.

"ولنا إيمان أن الرب يخلصنا من كل ضيقة ولا يمكن لأى قوة أن تؤثر على تعزيتنا." (البابا كيرلس السادس)