ثقافة ومجتمع
11 تشرين الثاني 2016, 12:46

قصة اليوم: "لا تذمّ قبل أن تفحص"

فتح الأستاذ باب الإدارة منفعلاً دافعًا بالطالب إلى المدير بعد أن كال له من عبارات السبّ والشتم قائلاً لرئيسه في العمل "تفضّل وألقِ نظرة على طريقة لبسه للثوب ورفع أكمامه". كان الطالب صامتًا يعلو وجهه الحزن. تفاجأ المدير من تصرّف الأستاذ الذي خرج بعد أن سلّم ضحيّته للجلّاد، كما يظن.

 

تأمل المدير ذلك الطالب، نظر إلى طريقة لبسه للثوب اللافتة للنظر، رآه وقد جرّ ثوباً وشمّر كمّيه بطريقة غريبة فقال له "اجلس يا بني"، جلس الطالب متعجباً من موقف المدير الهادىء والمحبّب. ساد الصمت وانتظر الطالب السؤال عن سبب المشكلة بفارغ الصبر حتى حان الفرج فسأله المدير "ما المشكلة ؟"
الطالب : لم أحضر الواجب
المدير : ولم َ..
الطالب : نسيت أن اشتري دفتراً جديداً
المدير : ودفترك القديم؟

سكت الطالب خجلاً من الإجابة فردّد المدير سؤاله بأسلوب أهدأ من السابق فلم يجد الطالب مفرًا من الإجابة فأجاب "أخذه أخي الذي يدرس في مدرسة ليليّة" .نظر المدير إلى الطالب نظرة الأب الحاني وقال له  "لماذا تقلّد الكبار يا بني وتلبس ثوبًا طويلاً وتشمّر كمك ...قاطعته عبارات من قلب ذلك الطفل طالما حبست وكتمت وخرجت كلماته كالصاعقة على نفس المدير "الثوب ليس لي، إنه لأخي الكبير ألبسه في الصباح ويلبسه هو في المساء إذا عدت من المدرسة لكي يذهب إلى مدرسته الليلية" .
اغرورقت عينا المدير بالدموع، تمالك أعصابه أمام الطالب وطلب منه أن يذهب إلى غرفة المرشد، وما أن خرج الطالب من الإدارة حتى أغلق المدير مكتبه وانفجر بالبكاء رأفة بحال هذا الطالب الذي لا يجد ثوباً يلبسه، ودفتراً يخصّه، إنها مأساة مجتمع مؤلمة بكل معنى الكلمة، وكان غاضبًا من ردّة فعل المعلّم وحكمه على هذا المسكين.