ثقافة ومجتمع
24 تشرين الثاني 2016, 11:33

قصة اليوم: قوّته عظيمة وعظيمة العظيمة

عاش في أواخر العصر المملوكيّ صائغ مسيحيّ أحبّ الصّلاة كثيرًا، فكان كلّما فتح دكّانه صباحًا، يركع عند مدخله ويصلّي مردّدًا: "قوّته عظيمة وعظيمة العظيمة ومدبّرة وحكيمة، وإن نزلت البحر تطلع سليمة".وكان في النّاحية الأخرى من الشّارع، دكّان لصائغ آخر مُلحد، حيّرته صلاة جاره فيتساءل دومًا "كيف تطلع سليمة بعد أن تنزل في البحر؟"

 

في أحد الايام فُكّ حجر خاتم السّلطان فقصد الصّائغ المسيحيّ وطلب إليه أن يصلحه في ثلاثة أيّام وإلّا يقطع رأسه. استغلّ الملحد الوضع، فدخل خلسة دكّان جاره وسرق الحجر من الدّرج وخرج مردّدًا: "الآن سأعرف كيف تخرج سليمة حتى إن نزلت البحر"، وذهب إلى البحر وألقى بالحجر فيه .

في اليوم التّالي، في تذكار رئيس الملائكة، شفيع الصّائغ المسيحيّ، عرّج الأخير على صديقه الصّيّاد طالبًا إليه أن يوصل السّمك إلى بيته من أجل مهمّة خاصّة، إذ كان كالعادة، في هذا العيد، يوزّع على الفقراء الخبز والسّمك .

ولما فتح الدّكّان، لم يجد الحجر في مكانه، بحث عنه في كلّ الأرجاء لكن من دون جدوى، فقرّر أن يصطحب زوجته وأولاده ليوزّع السّمك متوكّلاً على الله قائلاً: "لن أموت إلّا مرّة واحدة سواء بسيف السّلطان أو بغيره".

ولمّا عاد إلى البيت، وجد امرأته قد أعدّت كلّ شيء علمًا أنّ "الصّيّاد لم يحضر السّمك الصّغير كالمعتاد، بل أحضر سمكة ضخمة معتذراً لأنّه لم يعثر على النّوع الصّغير"، فما كان منها إلّا أن فتحت خياشيم السّمكة، وأخرجت من جيبها حجرًا وضعته في يد زوجها، وإذا به حجر الخاتم السّلطانيّ .

دهش الصّائغ، فشكر ومجّد الله، وقدّم تسبحة لرئيس جند السّماء، وضاعف كمّيّة المال الّتي أراد توزيعها، وأصلح الخاتم وحمله إلى السّلطان .

وفي اليوم الرّابع فتح الصّائغ دكّانه، فدهش الجارّ وأسرع إليه مستوضحًا، ولمّا علم بالتّفاصيل، انتهى إلى القول: "أنت على حقّ، فعلًا إنّ قوّته عظيمة وعظيمة العظيمة ومدبّرة وحكيمة وإن نزلت البحر تطلع سليمة، والآن يا صديقي علّمني عن السّيّد المسيح لأنّني آمنت باسمه القدّوس"، فنال سرّ العماد وصار يردّد كلّ يوم مع صديقه، صلاته المحبّبة.