ثقافة ومجتمع
30 كانون الثاني 2017, 08:47

قصة اليوم: عودة الأمانة إلى صاحبها

زوجان مسيحيّان مرض ابنهما الأصغر واستدعيا لعلاجه طبيبًا مشهورًا، لكنّ الإصابة كانت أقوى من الدّواء وجهود الطبيب .

 

دخلت إليه أمه فجرًا، ووضعت يدها على رأسه فوجدته باردًا، جسّت نبضه واختبرت تنفّسه فتأكدت من أنّه فارق الحياة. تصبّرت المرأة، ولم تشأ أن تقلق بالصراخ ابنها الأكبر وجيرانها في ذلك الوقت المبكر .

ركعت بجوار الفراش وصلّت للرب بصوت منخفض وقالت "يا رب، هذه حكمتك، أشكرك يا رب، أنت أعطيت وأنت أخذت، فليكن اسمك مباركًا، إنّما أرجوك أن تعطيني الحكمة عند إبلاغ الخبر إلى زوجي فأنت تعلم كم كان يحبّ الولد، وكم كان يتمنى له الشّفاء. يا من تُعطي الجميع بسخاء، كن معنا وزدنا إيمانًا وصبرًا حتى تمرّ التّجربة بسلام".

وبعد انتهاء الصّلاة، جلست المرأة تُفكّر بهدوء وكانت عند ذلك منتظرة عودة زوجها من عمله .

استجاب الرّب صلاتها، وألهمها تدبيرًا صالحًا يخفّف من صدمة إبلاغ الخبر إلى زوجها، وارتاحت لهذا التدبير وازدادت هدوءًا.

بعد برهة، وصل زوجها فاستقبلته بابتسامتها المعتادة وأخفت عنه خبر وفاة ابنهما. وبعد أن غسل رأسه ووجهه ويديه، قدّمت له طعامًا خفيفًا تعوّد أن يتناوله في هذا الوقت .

وبعد ذلك بدأت تحادثه قائلة "أريد أن أعرف رأيك في مسألة تشغلني" .

قال: "خير؟"

قالت: "كانت إحدى جاراتي قد قدّمت لي جوهرة لأحفظها أثناء سفرها وأمس مساءً، علمتُ أنّها قد عادت من السفر وأخشى أن تطالبني بالجوهرة."

فقال الزوج: "ولماذا تخشين أن تُطالبك بها؟"

قالت: "لأنّها جوهرة عظيمة غالية، أحببتها جدًّا ولا أريد أن تُؤخذ مني." 

فقال الزوج: "هذا كلام عجيب جدًّا! هل المسيحيّة تعلّمنا ألّا نردّ الأمانة؟ لم أكن أتوقّع أن أسمع منك هذا!"

قالت الزوجة: "ما دام هذا رأيك فاسمع، كان الرّبّ قد أعطانا جوهرة، ومنذ ساعة صدر أمره بأن يستردّها، تعال معي لأريك إيّاها."

وتقدّمت وكشفت له الغطاء عن ابنهما الذي كان قد مات، وقالت: "هذه هي الجوهرة، أعطاها لنا الله واستردّها فهل نمنعها عنه؟".

ففهم الزوج وهزّ رأسه في تأثر شديد، وأكملت الزوجة كلامها : "لا داعي للصراخ والعويل، فلنصبر ولا نفعل مثل الآخرين الذين لا يعرفون الله، لأن لله حكمة قد لا نعرفها ، فلنسلّمه أمرنا."

وكان لهذا الكلام أثره في الزوج المؤمن، فتماسك واشتدّ بالله ولم يُكثر من الصياح حتى دُفن ابنه ومرّت التجربة بسلام.