ثقافة ومجتمع
29 حزيران 2015, 21:00

قصة اليوم : عناد مقدّس

العناد هو عادةً رذيلة لكنه قد يصبح فضيلة ويخلق النوابغ إذا رافقه ذكاء ومثابرة. وبَطَلة العناد هنا هي أمّ حزَّ في قلبها أن يُطرد ابنها من المدرسة فراحت الى أستاذ الحساب الذي تسبّب بطرده لتقول له بعاطفة الأمومة "إن في رأس طفلي من الذكاء أكثر مما في رأسك ورؤوس زملائك المدرّسين". وعادت الى البيت لتتولّى تدريس ابنها بنفسها. فعكفت على تثقيف ذهنه وتهذيب مخيلته وإرهاف شعوره بكل ما آتتها الأمومة من حبّ وتضحية وصبر وبكل ما أولتها مهنة التدريس التي زاولتها قبل الزواج من علم وخبرة؛ ولا سيما حرصت الحرص كلّه على تلقينه سِيَر المخترعين وعظماء الرجال.

مرّت الأعوام سراعاً وما أن بلغ الطفل مبلغ الرجال حتى خُلّد اسمه بمئات الاختراعات التي نفيد منها جميعاً : إنه العبقري العظيم توماس إديسون. قال عنه الأساتذة حين قرّروا طرده : أما أن يكون عبقرياً أو مجنوناً. ولكنّ أمه، وكل أم واعية هي إله خلاّق، خلقت منه عبقرياً؛ فالعناد هنا ليس إلا روح المثابرة والجد والتضحية ورحابة الصدر والصبر وهذه هي ثماره الشهية. أما العناد الذي قوامه ضيق الفكر وقلّة الذكاء وضآلة المواهب وانعدام الهمة فمصيره الإنطواء على الذات فالإفلاس النفساني.
كتب إديسون عن أمه : "لو لم تكن هذه المرأة أمي، لكان ممكناً أن يتغيّر مجرى حياتي. أمي علّة وجودي وهي خالقة كياني ولولاها ما رأيت نور الوجود ولا تعلّمت ولا أصبحت ما أنا عليه. هي خالقتي بعد ربي، وهي كانت مدرّستي وملهمتي. أنا من أجلها عملت ونجحت وعشت لأقدّم لها وللإنسانية عصارة فكري ونشاطي ونجاحي!".