قصة اليوم: سليمان الحكيم والنملة
وفي يوم لفتت نظره نملة صغيرة تحمل جزءًا من حبة قمح أثقل منها، تبذل كل الجهد لتنقلها إلى جحرٍ صغيرٍ تستخدمه كمخزنٍ فتقتات منها.
فكر سليمان في نفسه قائلًا: "لماذا لا أُسعد هذه النملة التي تبذل كل هذا الجهد لتحمل جزءًا من قمحه؟ لقد وهبني اللَّه غنى كثيرًا لأسعد شعبي، وأيضًا الحيوانات والطيور والحشرات.."
وبالفعل أمسك سليمان بالنملة ووضعها في علبة ذهبية مبطنة بقماشٍ حريريٍ ناعمٍ وجميلٍ، ووضع حبة قمح... وبابتسامة لطيفة قال لها: "لا تتعبي أيتها النملة، فإنني سأقدم لكِ كل يوم حبة قمح لتأكليها من دون أن تتعبي... مخازني تُشبع الملايين من البشر وحتى الحيوانات والحشرات.."
شكرته على اهتمامه بها، وحرصه على راحتها.
وضع لها حبة القمح، وفي اليوم التالي جاء بحبة أخرى ففوجئ أنها أكلت نصف الحبة وتركت النصف الآخر. وضع الحبة وجاء في اليوم التالي ليجدها أكلت حبة كاملة واحتجزت نصف حبة، وهكذا تكرر الأمر يومًا بعد يوم...
سألها الملك سليمان: "لماذا تحتجزين باستمرار النصف؟؟!!.."
أجابته: "إنني دائمًا احتجز نصف الحبة لليوم التالي كاحتياطي. أنا أعلم اهتمامك بي، إذ وضعتني في علبة ذهبية، وقدّمت لي حريرًا ناعمًا أسير عليه، ومخازنك تشبع البلايين من النمل لكنك إنسانٌ... وسط مشاغلك الكثيرة قد تنساني يومًا فأجوع، لهذا احتفظ بنصف حبة احتياطيًّا. اللَّه الذي يتركني أعمل وأجاهد لأحمل أثقال لا ينساني، أما أنت فقد تنساني!"
عندئذ أطلقها لتمارس حياتها الطبيعية، مدركًا أن ما وهبه اللَّه لها لن يهبه إنسان!