ثقافة ومجتمع
17 أيار 2016, 12:26

قصة اليوم : تحقيق حلم

"ماذا أفعل هنا بعيداً عن أهلي وكنيستي يوم سبت النور؟! ربما يجب علي أن أستقيل من هذا العمل الذي يفرض عليَّ مواعيد غير منتظمة"، هكذا كنت أفكر وأنا جالس في مكاني كمساعد طيار في قمرة القيادة للطائرة، إلى أن أفقت من أفكاري لأرى ولداً صغيراً لا يتعدى العاشرة يقف بذهول، وهو يتأمل كل ما هو في القمرة. ابتسمت له ودعوته للدخول،فقال "حقاً.. ألن أضايقك؟؟!.." فأجبته: " لا أبداً.. تفضل "

 

دخل وبدأت أشرح له فائدة المؤشرات والأجهزة التي يراها وأنا أتذكر نفسي عندما كنت في عمره، وحلمي أن أصبح طياراَ، وها قد تحقق الحلم، ولكنني لا أدري إن كان يستحق هذا العمل كل هذه التضحية!! جاء كابتن الطائرة وابتسم للولد وسأله " أعجبتك؟"، فأجابه "نعم أعجبتني جداً! شكراً على هذه الفرصة التي لم أكن أتوقعها ولكنني كنت احلم بها ." قال هذا وذهب إلى مكانه.

وصلنا بعد 8 ساعات إلى محطتنا المرجوة، وبينما نحن نستعد الكابتن وأنا لمغادرة الطائرة جاءت مضيفة ومعها علبة شوكولا وفوقها ورقة صغيرة وقدمتها لي وقالت "هذه لك..!!"
فتعجبت وفتحت الورقة التي جاء فيها: "أنا والدة الطفل الذي جاء إلى حضرتك في بداية الرحلة، وأدخلته إلى قمرة القيادة، وهو لم يكف طوال الثمان ساعات عن الحديث عما رآه. أود أن أشكرك لأنك حققت لابني حلمه، ربما تكون هذه المرة الأخيرة التي يركب فيها طائرة حيث أننا كنا عائدون من رحلة علاج لمرضه الخطير. الرب يبارك حياتك، ويعوّضك عن محبتك لطفل صغير لا تعرفه."

لقد أعطيت هذا الطفل الصغير أجمل هدية بمناسبة عيد القيامة وأدركت أنني أستطيع أن أقدّم الخدمة والمحبة لكل من أقابله وفي كل مكان فالمحبة لا ترتبط بمكان أو زمان، ولكن في كل مكان يسمح الله بتواجدي فيه أنا مدعو لتقديم المحبة المسيحية.