ثقافة ومجتمع
07 كانون الثاني 2016, 06:13

قصة اليوم : بيض- جزر- بن

ذهبت شابة إلى والدتها، وأخذت تشكو لها عن حياتها وكيف امتلأت بالصّعاب. وأنّها ليست تعلم كيف تتصرّف وترغب لو تستسلم. لأنّها قد تعبت من الصعوبات ومن المقاومة. ويبدو الأمر كما لو أنّه كلّما حُلّت مشكلة برزت أخرى بدلاً منها.

إصطحبتها والدتها إلى المطبخ. حيث ملأت ثلاث أواني بالماء ثم وضعتهم على ناراً قويّة. وبعد وقت قليل أخذ الماء في الغليان. فوضعت في الإناء الأول جزر، وفي الثاني بيض، ثم وضعت في الإناء الثالث بّن مطحون. وجعلت الأواني تستمر في الغليان. وبعد حوالي عشر دقائق أغلقت مفاتيح الموقد. ثم أخرجت الجزر خارج الإناء ووضعته في طبق، ثم أخرجت البيض ووضعته هو الآخر في طبق، ثم صبّت القهوة في وعاء آخر. ثم إستدارت لإبنتها وسألتها "أخبريني، ما الذي ترينه؟". فقالت "جزر، بيض، وقهوة". فقرّبت الأوعية لها وسألتها أن تمسك بالجزر وتتحسّسه، ففعلت الإبنة ولاحظت أن الجزر أصبح ليّناً.

ثم عادت الوالدة وسألت إبنتها أن تأخذ بيضة وتكسرها، وبعد تقشيرها لاحظت الإبنة كيف تجمّد البيض المسلوق. وأخيراً طلبت منها الأم أن تتذوّق القهوة. إبتسمت الإبنة وهي تتذوّق القهوة ذات الرائحة العبقة الغنيّة. وهنا سألت الإبنة "وماذا يعني ذلك يا أمي؟". ففسّرت لها والدتها أن كل من الثلاثة مواد قد وضع في نفس الظروف المعادية (الماء المغلي). ولكن كل واحد منهم تفاعل بطريقة مختلفة. فالجزر، كان صلباً لا يلين. ولكنّه بعدما وُضع في الماء المغلي، أصبح طريّاً وضعيفاً. والبيض كان سائلاً، تحمي قشرته الخارجيّة مادته الداخليّة السائلة. ولكن بعد بقائه في الماء المغلي، أصبح داخله صلباً. ولكن البن المطحون، كان مختلفاً. لأنّ بعد بقائه في الماء المغلي، إستطاع أن يغيّر الماء نفسه. من أنا؟ هل أنا مثل الجزر أبدو صلباً قويّاً، ولكن مع الألم والظروف المعاكسة، أنزوي وأصبح ضعيفاً وأفقد قوّتي وصلابتي؟. أم أنا مثل البيض، أبدأ بقلب طيّع، ولكنّه يقسو بنيران التجارب؟ هل روحي الداخليّة كانت رقيقة كالماء، ولكن بعد ظرف وفاة، أو بعد صدمة عاطفيّة، أو خسارة ماليّة، أو تجارب أخرى، تحجّرت؟