قصة اليوم: اللمسة الذهبية
تقول الأسطورة: بينما كان الملك مايدس منهمكاً في إحصاء الذهب الذي يمتلكه، ظهر أمامه شخص غريب مخاطباً إياه قائلاً "إنك تمتلك الكثير من الذهب"، فأجاب الملك مايدس قائلاً "لا ليس بكثير"
ألا يكفيك ما عندك؟
يا ليت كل ما تلمسه أصابعي يصبح ذهباً.
وهل هذا يجعلك أسعد مما أنت عليه؟
طبعا!
حسنا سألبي طلبك. غداً صباحاً، كل ما ستلمسه أصابعك، سيتحوَّل الى ذهب.
في صباح اليوم التالي، استيقظ الملك مايدس من نومه، متذكراً ما قيل له، فلمس الغطاء الذي كان عليه، وإذ به يتحوّل الى ذهب، لمس السرير الذي كان نائماً عليه وإذ به يصبح من ذهب، لم يصدق ما حصل، فطفر فرحاً، وأخذ يلمس بأصابعه كل ما في الغرفة من أثاث وإذ به يتحول الى ذهب. فأخذ يصيح من فرحته "لقد أصبحت أغنى إنسان في العالم، ليحيا الملك مايدس، أغنى إنسان وأسعد إنسان في العالم كله".
لم يرد الملك مايدس أن يضيع وقته فذهب الى حديقة القصر، وأخذ يلمس الورود والأشجار والتماثيل، وكل ما في الحديقة، فإذ به كله يصبح ذهباً، فغمره الفرح والسعادة ونادى خدّامه جميعاً طالبا منهم أن يصنعوا وليمة ويقدموا له أفخر المأكولات.
بينما جلس يستمتع في كل ما أصبح لديه، دخلت إبنته الجميلة وهي تبكي قائلة "بابا، أنظر ما حصل، لقد أصبحت هذه الورود من ذهب ولم تعد كقبل!"، فأجابها "لا تبكي يا ابنتي، لقد أصبحنا من أغنى ما في الكون، فبإمكاننا أن نشتري كل ورود العالم. عليك الآن أن تفرحي، فالوقت ليس وقت بكاء".
جلست إبنته الصغيرة على المائدة وهي حزينة جداً، لكنها أطاعت والدها وباشرت في تناول الطعام. حاول ذلك الملك أن يتناول شيء ليأكله، لكن عبثاً، كل ما لمسته أصابعه تحول ذهباً، فلم يستطع حتى شرب الماء.
سألت الفتاة والدها "بابا لماذا لا تأكل؟" أجابها "لا أقدر يا عزيزتي"، ارتمت تلك الفتاة الجميلة على حضن أبيها، فوضع يده عليها ليعانقها، وإذ بها تصبح من ذهب. صرخ الأب مفجوعاً" لا لا ! ماذا فعلت؟ لم أعد أحب الذهب، لقد كرهته نفسي، أريد ابنتي!" وأخذ يبكي كطفل صغير.
نام الملك في تلك الليلة حزيناً وكئيباً جداً؛ لقد خسر إبنته حتى أنه لم يستطع أن يشرب نقطة من الماء، ولا أن يأكل كسرة من خبز.
وفي صباح اليوم التالي، عاد ذلك الشخص الغريب، وسأل الملك مايدس "كيف حالك أيها الملك مايدس؟" أجاب الملك "لا تسألني أرجوك"
ولماذا، ألست سعيداً بما أعطيتك، لقد حصلت على اللمسة الذهبية!
لا، لا أريدها أرجوك! إنني أتعس إنسان في الوجود. أرجوك أن تخلصني منها.
فأشار عليه أن يذهب ويستحم في نهر "باكتولاس" لتذهب عنه اللمسة الذهبية.
تذكّرنا هذه الأسطورة بأن السعادة الحقيقية ليست في الغنى ولا في المالفمهما جمعت منه، ستتركه وراءك، وتمضي وحيداً كما أتيت. ويقول الكتاب المقدس "ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه".
إن أهم ما تمتلك هي روحك الخالدة، التي أعطاك إياها الله. فهل تعرف الى أين أنت ذاهب؟