ثقافة ومجتمع
20 تموز 2016, 12:37

قصة اليوم: الدافع من التأمل بحبّة البرتقال

فى أحد اجتماعات درس الكتاب المقدس، كانت مفاجأة بانتظارنا، مفاجأة غيّرت تفكيري وعلاقتي بإلهي؛ إذ أحضر الكاهن المحاضر قفص برتقال بدلاً من كتابه المقدس!! نعم، لقد كان أمامه قفصاً كبيراً مليئاً بالبرتقال، ثم قال لنا إنه سيقوم بتوزيع حبّة برتقال لكل واحد منا، وطلب منا أمراً غايةً في الغرابة!

 

طلب أن يتأمل كلّ منّا حبّة البرتقال الخاصة به لا أن يأكلها، بل أن يقترب منها، يتعرف عليها، يصاحبها بحيث تصبح جزءًا منه، حتى اذا أغلق عينيه يجدها بتفاصيلها ماثلة في ذاكرته!
استغربت الموضوع لأني لم أفهم الرّابط بين ما جئت من أجله وبين التأمل بحبّة البرتقال !
مرّت خمس دقائق من الهدوء التامّ، تأملت حبّة البرتقال واندمجت في ذلك، درست تفاصيلها، ندوبها، لونها الفاتح في بعض المناطق والغامق في بعضها وانطبعت خطوطها في ذاكرتي، وإذا بالمحاضر يعلن انتهاء الدقائق الخمس، ويطلب من بعض الحاضرين جمع البرتقال في القفص. وبصراحة حزنت، فقد كنت بدأت أحبها، لقد أصبحت برتقالتي أنا!!

ثم ما لبث أن طلب شيئا أغرب: أن يكتشف كلّ برتقالته ويحضرها من القفص ويأخذها لنفسه!! ضحكت كثيراً ولكن المذهل أننا لبّينا دعوته، ووجدت برتقالتي!! وجدتها بدون مجهود، عرفتها بشكلها وبخطوطها وندوبها، والأغرب أن كل شخص في الغرفة وجد خاصّته !!
وهنا نظر إلينا المحاضر بحبّ ذاك وفي داخله واضح حضور الله وقال لنا برجاء: "لقد عرفتم برتقالتكم بعد أن جلستم معها وتأملتوها لمدة خمس دقائق، والآن ألا يستحق إلهكم أن تجلسوا معه لعدة دقائق وتتأملوا بحياتكم معه؟؟ ألا يستحق يسوع الفادي المخلص أن تتكلموا معه وتعرفوه عن قرب أكثر وأكثر؟ ألا يستحق من نحمل اسمه ونضع صليبه على صدورنا، ونتفاخر بأننا أبناءه، أن نعطيه كل يوم جزء من وقتنا فنفكّر ونهتمّ به؟ بأي حق نطالبه؟ وبأي وجه نحاسبه؟ هل لمجرد ولادتنا في عائلات مسيحية أصبحنا الورثة الشرعيين للسماء؟ هل لأننا نذهب الى الكنيسة أيام الآحاد ونضع له في بيوتنا صورة أو تمثالاً ونأكل الزيت بدلاً من السمن في بعض الأوقات يجعل منّا أولاد لله؟ 
قد تكون معرفتك بإلهك سطحية، ولكن لكي تكون لك علاقة به لا بد أن تعرفه معرفة وثيقة، علاقة أب بأولاده، علاقة شخصية قلبية.