قصة اليوم: الخبز المرتد من المياه
ولما دخلا بيتهما المتواضع في أحد الأزقة قال صوت لطيف "ها أنت يا ابني "تشارلي"! يا ولدي تعال الى هنا".
دخل "تشارلي" واقترب من فراش أمه التي أكملت حديثها قائلة "ألم تنجح في الحصول على عمل؟"
"لا يا والدتي، اذ لا يرغب أحد في استخدام صبي مثلي، وقد قطعنا أنا وأختي شوارع المدينة بحثاً عن عمل لكن بدون جدوى وبالتالي يجب علينا أن تستعطي ونتسول أو نهلك جوعاً. لقد ذهبنا من مخزن الى آخر الى أن تعبنا. وأخيراً دخلنا كنيسة وسمعنا المبشر يقول "ارم خبزك على وجه المياه" فقلت في نفسي الأفضل إعطاء الخبز لأناس فقراء نظيرنا لا أن نرميه على وجه المياه". فقالت له أمه موضحة له "انك لم تفهم يا تشارلي" وهنا قاطعتها "دوت" الصغيرة قائلة "ماما ... هل يعني ذلك أن الرغيف إذا رميناه في المياه يعود إلينا رغيفاً أكبر"، "نعم يا عزيزتي، يعني أن الذي نعطيه للرب يردّه لنا ثانية مئة ضعف". أما "دوت" فلم تقل شيئاً، لكنها كانت تفكر طول مدة بعد الظهر في كل ما سمعت، وفي المساء صنع "تشارلي" فنجاناً من الشاي لأمه، وكان آخر ما عندهم. وبعد ان أكل كل منهم قطعة من الخبز، بقي لديهم كسرة صغيرة في الدولاب ولم يكن معهم نقود، وبعد خروج "تشارلي" ذهبت "دوت" الى الدولاب وأخذت كسرة الخبز وخرجت وكانت أمها نائمة. ولم تكن "دوت" تعرف أين تجد المياه فسألت سيداً مارًّا بجانبها: "من فضلك سيدي أين يمكنني أن أجد مياه كثيرة؟" فأجاب: "هل تعنين النهر يا عزيزتي؟" قالت "دوت": "نعم يا سيدي". فأجاب: "لكن ما الذي يستدعي فتاة صغيرة مثلك للذهاب الى النهر في يوم شديد البرودة مثل هذا اليوم ؟ الأفضل ان تذهبي الى منزلك" ."لا يا سيدي، يجب علي أن أرمي الخبز في المياه أولا ثم يعود إلينا أكثر" واستمرت في سيرها.
أما السيد فبدافع حب الإستطلاع والفضول تبع الفتاة الصغيرة وسار وراءها على مسافة قصيرة. وصلت "دوت" الى النهر وكان السيد متخفياً وراء عمود من خشب، ثم أخذت كسرة الخبز وصلّت قائلة "أرجوك يا رب، هذا كل ما نمتلك من الخبز وليس لدينا غيره للفطور، فإن كانت المئة قطعة التي ستردّها ستطول مدّتها، فأرسل شيئاً من النقود الى "تشارلي" ليشتري لنا خبزاً. أرسل يا رب الى منزل "دوت هورن" في حارة توماس لأجل خاطر يسوع، آمين." ثم رمت كسرة الخبز في المياه.
تأثر الرجل تأثراً بالغاً، ومسح الدموع عن عينيه وتبع الصغيرة "دوت" وهي عائدة الى المنزل، حيث قابلت شقيقها الذي كان يبحث عنها. وبينما كانت بين ذراعي والدتها، أجابت "دوت" رداً على استفهام أمها أين كانت وختمت حديثها بقولها "عندما رأيت أنه لم يكن لدينا الا قطعة صغيرة من الخبز فكّرت في الذهاب الى النهر لرميها فيه لكي يردّ لنا الرّب بعد برهة مئة ضعف".
أما والدتها فقد تأثرت وفاضت الدموع من مقلتيها الى وجنتيها ولم يسمح لها قلبها بتأنيب الفتاة لأجل ايمانها البسيط. قالت "دوت": "لا تبكي يا أماه، لا بد من أن الله سيرسل لنا لأنني سمعت ذلك في الكنيسة".
وفي ما كان "تشارلي" يشعل المصباح ليجلس بالقرب من السرير ويبدأ في قراءة الأجزاء اليومية من الكتاب المقدس قبل النوم، سمع قرعاً على الباب. وقبل أن يذهب لفتح الباب دخل البيت رجل ووضع وعاءً كبيراً على الأرض وخطاباً، وخرج بدون أن يتفوّه بكلمة واحدة فاستغرب الجميع. وخرج "تشارلي" للبحث عن الرجل فلم يره او يجد له أثراً. نظر الى الوعاء وفحصه فرأى عليه بطاقة مكتوب عليها "الى دوت هورن، خبزها المرتد لها من المياه". ولما فتحوا الوعاء وجدوا خبزاً ودجاجة وكمية كبيرة من أنواع البقالة وكيساً من الدقيق. فتناول "تشارلي" الرسالة ووجدها معنونة باسمه "الى السيد تشارلي هورن لقد عيَّنَتْكُم مخازن جون لينوكس وشركاه ساعياً للبريد الخاص بالشركة".
شكرت العائلة لله كثيرًا تلك الليلة في ذلك البيت المتواضع، أمّا ذلك السيد المحسن الذي تبع "دوت" فقد جمع المعلومات الكافية عن العائلة من الجيران ووضع في قلبه أن هذا الإيمان العظيم يجب أن لا يبقى بدون مجازاة والآن ... أصبح "تشارلي" على مر السنين شريكاً في المؤسسة ووالدته استردت صحتها وتعافت .
وكلاهما ينسبان نجاحهما الى ايمان "دوت" الصغيرة لأن "كلّ شيء تطلبونه وأنتم تصلّون بإيمان تنالونه" (متى 21 :22).