قصة اليوم: الجنازة الخطأ
كانت فاجعتي شديدة حتى أنني كنت أجد صعوبة في التنفس أحياناً. فقد كانت أمي دائماً سنداً لي، تصفّق بحرارة في مبارياتي المدرسية، تقدّم لي المناديل وهي تصغي لأول كسرة لقلبي، تعزيني عند موت والدي، تشجعني في دراستي الجامعية، وتصلي لأجلي طيلة حياتي.
شُخِّص مرض والدتي، بعد أن أنجبت أختي طفلها الأول، وبعد زواج أخي، وهكذا كان عليَّ أن أعتني بوالدتي، وقد أعتبرت ذلك شرفاً كبيراً لي.
فتساءلت وأنا جالسة في الكنيسة قائلة "ما هو موقفي الآن يا رب، بينما بدت حياتي كهاوية فارغة أمام عينيّ؟" . كان أخي يجلس رصيناً ينظر الى الصليب بينما يده تتشابك مع يد زوجته، بينما أختي كانت تسند رأسها على كتف زوجها الذى أحاطها بذراعيه وهي تهدهد ابنهما. ولأن الجميع كانوا غارقين في الحزن، لم يلحظ أحد أنني أجلس وحيدة. كان من المفترض ان يكون مكاني مع والدتنا، أجهز لها الطعام، وأصحبها الى الطبيب، أعطيها الأدوية، ونقرأ سوياً الكتاب المقدس. ولكنها الآن أصبحت مع الرب، وهكذا انتهى عملي وصرت وحيدة .
فجأةً، سمعت صوت فتح وغلق باب في مؤخرة الكنيسة تلى ذلك صوت خطوات مستعجلة لرجل صغير السن، نظر متجهما للحظات ثم جلس الى جواري. طوى يديه ووضعهما في حجره بينما عيناه امتلأتا بالدموع وراح شاهقاً يقول موضحاً أنه قد تأخر بينما الموقف كان لا يحتاج إيضاحاً.
وبعد عدة كلمات تأبيناً لأمي، انحنى الى الأمام وقال "لماذا جميعهم يصرون دعوة ماري باسم مارغريت؟ " فهمست قائلة لأن أسمها مارغريت وليس ماري، فلا أحد يدعوها ماري على الإطلاق. وعندها تساءلت "لماذا لم يجلس هذا الشخص في الجانب الآخر من الكنيسة؟ فهو يقاطع حزني بدموعه وتململه، وترى من هو هذا الغريب أصلاً "؟
وإذا به يهمس بإصرار بينما حملق فينا كثير من الحاضرين "لا هذا ليس صحيحاً، اسمها ماري، ماري بيتر"، فقلت له "هذا ليس صحيحاً، من هي التي تقول عنها؟". فقال "أو ليست هذه هي الكنيسة اللوثرية؟"، فقلت "لا، الكنيسة اللوثرية في الناحية الأخرى من الشارع"، فقال "اوه" . فقلت "أعتقد أنك سيدي في الجنازة الخطأ."
وهنا اختلط داخلي مهابة الموقف مع إدراكي بخطأ الرجل فرحت أضحك، أسرعت لأغطي وجهي بكلتا يداي، آملة أن يعتقد الآخرون أنها نحيب ولكن صرير المقعد الجالسة عليه خذلني، وجعلت النظرات الحادة للمشيعين الآخرين الموقف أكثر سخرية، فاختلست نظرة خاطفة للرجل المذهول الذي أخطأ الجنازة فوجدته هو الآخر يضحك، وبينما راح يحملق حوله قرر أن الوقت قد فات لخروجه الذي أصبح لا معنى له وتخيلت أن والدتي تضحك.
وبعد آمين الختامية في الخدمة اندفعنا خارجين من الباب، وفي مكان انتظار السيارات قال لي مبتسماً "أعتقد أننا سنصير حديث المدينة" واضاف أن اسمه ريك وحيث أنه لن يلحق بجنازة عمته، استأذنني في تناول فنجان قهوة معي بعد الظهر، وقد بدأ هذا الموعد رحلة بطول العمر لي مع هذا الرجل الذي أخطأ فحضر الجنازة الخطأ، ولكنه كان في المكان الصحيح تماماً .
بعد عام واحد من هذا اللقاء تزوجنا أنا وهو في كنيسة ريفية حيث كان هو الراعي المساعد، وفي هذه المناسبة حضر كلانا الى نفس الكنيسة في الوقت الصحيح.
في وقت حزني أعطاني الله ضحكاً وعند وحدتي وهبنى المحبة. ففي أيار الماضي احتفلنا بعيد زواجنا الثاني والعشرين، وحين يسألنا أي شخص عن كيفية التقاءنا، يجيبهم ريك قائلاً "والدتها وعمتي قدّمانا لبعض ."