قصة اليوم: ارحمنا يا رب وعلّمنا أن نكون رحماء
لم تكن زوجة الأب تعتني بالصغير الذي لم يتجاوز الرابعة من عمره، فكانت توكل أمره إلى الخادمة لتهتم به الى جانب أعمال المنزل.
وفي يوم شديد البرودة، دعت الزوجة أهلها للعشاء واهتمت بهم وبولديها وأهملت الصغير الذي لم يكن له غير الله، حتى الخادمة انشغلت بالمأدبة ونسيت الصغير. اجتمع أهلها عندها ودخلوا في أحاديثهم، حتى جاء موعد العشاء فأخذ ينظر إلى الأطعمة المنوّعة وكله شوق أن تمتد يداه إلى الحلوى أو المعجنات ليأكل منها ويشبه جوعه، فما كان من زوجة أبيه إلا أن أعطته بعض الأرز في صحن وقالت له صارخة: اذهب وكل عشاءك في الساحة.
أخذ صحنه مكسور القلب حزين النفس وخرج به، وهم انهمكوا بالعشاء ونسوا أن هذا طفل صغير محتاج لحبهم ورحمتهم. جلس الطفل في البرد القارس يأكل الأرز ومن شدة البرد انكمش خلف أحد الأبواب، ولم يسأل عنه أحد أين ذهب. انشغلت الخادمة في الأعمال المنزلية ونام الطفل في مكانه في ذاك الجو البارد.
خرج أهل الزوجة بعد ان استأنسوا وأكلوا وأمرت زوجة الأب الخادمة أن تنظف البيت... وآوت إلى فراشها ولم تكلف نفسها حتى السؤال عن الصغير.
عاد زوجها من عمله سألها عن ولده فقالت: مع الخادمة وهي لا تدري هل هو معها أم لا، فنام الأب وفي نومه حلم بزوجته الأولى تقول له: انتبه للولد.
فاستيقظ مذعوراً وسأل زوجته عن الولد فطمأنته أنه مع الخادمة ولم تكلف نفسها أن تتأكد من الأمر. عاود الزوج النوم وحلم مرة أخرى بزوجته الأولى تقول له : انتبه للولد.
فاستيقظ مذعوراً وسأل زوجته عن الولد، فقالت له : أنت تضخّم الأمور وهذا حلم والولد بخير. فاكتفى بكلامها وعاد إلى النوم وحلم بزوجته الأولى تقول له : " شكرا لك الولد أصبح عندي." فاستيقظ مرعوبًا وأخذ يبحث عن الولد عند الخادمة فلم يجده عندها جن جنونه وصار يركض في البيت هنا وهناك حتى وجد الصغير ولكنه كان قد فارق الحياة. كان متقوقعًا وقد أزرق جسمه وفارق الحياة وبجانبه صحن الأرز، وقد أكل القليل منه...