ثقافة ومجتمع
27 كانون الثاني 2016, 07:48

قصة اليوم : احتضنت طفلتها فاعادتها الى الحياة

عندما عانقت كارولين ايزبيستر طفلتها الهزيلة للمرّة الأولى اعتقدت أنّها ستكون فرصتها الوحيدة لاحتضانها إذ أعلمها الأطباء أن لطفلتها راشيل دقائق معدودة تعيشها لأنّ قلبها يدق مرّة كلّ عشر ثوان ونفسها شبه غائب.

تعود كارولين بالذاكرة فتقول "لم أكن أتحمل فكرة موتها. كانت تشعر بالبرد لذلك أخرجتها من بطانيتها واحتضنتُها لأنقل إليها بعض الدفء. كانت رجلاها باردَتين جدًا وكانت هذه فرصتي الوحيدة لأحتضانها فأردتُ أن أخلّد الذكرى". وعندها حصل أمرٌ عجيب، أطلق دفء الأمّ وحرارتها العنان لدقات قلب راشيل ما سمح لها بأن تتنفس قليلاً بمفردها. لم أصدق كما أن الأطباء نفسهم لم يصدقوا فما كان من الطفلة إلا أن أجهشت قليلاً بالبكاء. لكن لم ير الأطباء في ذلك بصيص أمل، إلاّ أنّني رفضتُ التخلي عنه فاستدعيتُ كاهن المستشفى طالبةً بركته وانتظرتُ رحيلها. لكنها استمرت بالتمسك بالحياة فعاد اللون الزهري لُيزيّن بشكلٍ رائع وجنتَيها فكان لونها يتحوّل فعليًّا من الرمادي الى الزهري أمام أعيُننا والدفء يعود شيئًا فشيئًا الى جسمها. فمن المؤسف ان الأطباء اكتفوا بإلقاء نظرة واحدة عليها عند الولادة وإصدار الحكم السلبي.
وتتذكر أمّها قائلةً "لم يُحاولوا حتّى مساعدتها على التنفس إذ اعتبروا أن من شأن ذلك أن يُطيل فترة احتضارها. فتخلى الجميع عنها" وتُضيف كارولين (وهي أمٌّ لطفلَين آخرَين صموئيل البالغ من العمر 10 سنوات وكريستين 8 سنوات) التّي اضطرت لاجراء ولادة مبكرة في الأسبوع الرابع والعشرين بسبب التهابٍ في الرحم، "ذُعرنا لفكرة خسارتها فسبق لي أن أجهضتُ ثلاث مرات لذلك لم نعتقد أن الأمل بخلاصها كبير". 
كانت راشيل عند ولادتها رماديّة اللون وهامدة. ويقول إيان لينج وهو طبيب يُعنى بحديثي الولادة "كان كلّ شيء يُشير الى أن ما من أملٍ للطفلة فقررنا أن نسمح للوالدة بمعانقتها إذ اعتبرنا أن هذا كلّ ما بوسعنا القيام به إلاّ أن هذا الجسد الهزيل بدأ يبكي بعد ساعتَين. إنّها لمعجزة لم أرى مثيلاً لها خلال ممارستي للمهنة على مدى 27 سنة. لا شك لدّي بأن الوالدة هي التّي أنقذت طفلتها". نُقلت راشيل الى الحجرة حيثُ جهاز التنفس الاصطناعي وأخذت حالتها تتحسن شيئًا فشيئًا. وتقول كارولين "قال الأطباء أن ابنتي محاربة وأنّ من الواجب نقلها الآن الى العناية الفائقة إذ بات الأمل موجود. قامت وحدها بكلّ ذلك دون أي تدخل طبي أو أدويّة".

تمسكت راشيل بعد هذا العناق الأوّل بالحياة إذ بثّ الدفء في جسمها وأعاد الدقات الى قلبها والنفس الى اعضائها لتبدأ كفاحها. وخرجت بعد خمسة أسابيع من حجر التنفس الاصطناي وبدأت بالرضاعة الطبيعيّة. وبعد أربعة أشهر، عادت راشيل الى المنزل مع أهلها ووزنها يُناهز الثلاثة كيلوغرامات ونصف كأي مولود جديد بحالةٍ جيدة. ونظرًا لنقص الأوكسيجين التّي عانت منه، قال الأطباء إن خطر ظهور الأضرار في دماغها مرتفع إلاّ أن الفحوصات لم تُظهر ما يؤشر الى هذا النوع من المشاكل ولا فرق أبدًا اليوم بين راشيل وأقرانها.
وقالت والدة راشيل "حالتها الآن جيدة جدًا. قال لنا الأطباء عندما أتينا بها الى المنزل إنّها طفلة مميزة وهي تحب العناق كثيرًا فتنام ساعات وساعات وهي في حضني. فالعناق الأوّل هو الذّي أنقذ حياتها – وأنا سعيدة لأنني وثقتُ بحدسي واجتذبتها إليّ في هذا الوقت بالذات وإلاّ لما كانت بيننا اليوم".