ثقافة ومجتمع
15 كانون الأول 2016, 11:44

قصة اليوم: أفضل صديق له ...

أندي طفل فقير في العاشرة من عمره، عاش في بلدة زراعيّة صغيرة في أميركا، اعتاد في كلّ يوم قبل ذهابه إلى المدرسة، أن يعرّج على الكنيسة ليسلّم على يسوع ويتلو صلاته الصّباحيّة. وللوصول إليها، كان عليه أن يعبر طريقًا خطيرًا تسلكه العربات بسرعه كبيرة.

 

أمّا في الكنيسة فكان يلتقي دائماً بكاهن الرّعيّة الأب ثومسن الّذي كان يحبّ أندي ويراقبه باهتمام، حتّى أنّه كان يساعد الطّفل لعبور الطّريق السّريع خوفًا عليه من السّيّارات، وكان يتكلّم عنه كثيرًا في عظاته كمثال جميل على الإيمان والنّقاء والبساطة الّتي يتمتّع بها أندي رغم ظروفه الصّعبة وفقره الشّديد.

وفي أحد الأيّام، جلس الكاهن مختبئًا على مقربة من أندي، وفي قلبه شوق ليسمع صلاة الطّفل إلى يسوع، وكانت تلك المحادثة الجميلة والبريئة:

"يا يسوع، أنت تعلم أنّ امتحان الرّياضة كان صعبًا جدًّا، ولكنّني رفضت الغشّ مع أنّ زميلي شجّعني على ذلك. وأنت تعلم أنّ أبي لم يجنِ الكثير هذة السّنة في زراعته، وأنّه ليس لدينا الآن طعام يكفينا ولكنّني أكلت القليل من الخبز مع الماء وأنا أشكرك جدًّا على ذلك، وتقاسمته مع قِطّ جائع، هذا مضحك أليس كذلك؟ عمومًا أنا لم أكن جائعًا جدًّا." وتابع مضيفًا: "أنظر يا يسوع، هذا هو آخر زوج حذاء عندي وربّما سأضطر للذّهاب حافي القدمين إلى المدرسة قريبًا لأنّ حذائي ممزّق... ولكن لا بأس فعلى الأقلّ أنا أذهب إلى المدرسة في حين غادرها أصدقائي لكي يساعدوا أهلهم في الزّراعة في هذا الموسم القاسي. أرجوك يا يسوع أن تساعدهم لكي يعودوا إلى الدّراسة... أنت تعرف بأنّ أبي قد ضربني مرّة أخرى وهذا شيء مؤلم ولكن لابأس لأنّ الألم سوف يزول بعد فترة، المهمّ أنّ لي أبًا أشكرك عليه. هل تريد أن ترى كدماتي؟ وهذه دماء أيضًا هنا، أنا أعتقد أنّك تعرف بوجود الدّمّ. أرجوك يا يسوع لا تغضب من أبي فهو متعب وقلق جدًّا على مستقبلنا.. على فكرة يا يسوع، هل أعجبك؟ أعتقد أنّني أعجبك، فأنت أفضل صديق لي! هل تعرف أنّ الأسبوع المقبل هو عيد ميلادك؟ ألا تشعر بسعادة؟ أنا سعيد جدًّا! إنتظر حتّى ترى هديّتي لك، إنّها مفاجأة!"

ثمّ خرج أندي برفقة الكاهن وعبرا الشّارع معًا. وقبل يوم واحد من عيد الميلاد، مرض الأب ثومسن فدخل المستشفى وحلّ محلّه كاهن آخر قليل الصّبر على الأطفال. وعندما سمع صوت الصّبيّ في الكنيسة طرده حتّى لا يعطّله عن التّحضير لقدّاس العيد.

حزن أندي جدًّا لأنّه كان قد أحضر معه هديّته لعيد ميلاد صديقه يسوع ولم يستطيع أن يوصلها، وأثناء عبوره الطّريق كان مشغولاً بلفّها فصدمته سيّارة كبيرة وقضت عليه في الحال فتجمّع حوله الكثير من النّاس وهو غارق في دمائه. وإذا برجل يرتدي ثيابًا بيضاء يظهر فجأة ويجري مسرعًا نحو أندي ويحمله بين ذراعية فيلتقط الهديّة البسيطة ويضعها قرب قلبه. فسأله النّاس المجتمعون: "هل تعرف الصّبيّ؟" فأجاب وهو يبكي: "هو أفضل صديق لي" ثم مضى بعيدًا.

بعد عدّة أيّام، عاد الكاهن ثومسن إلى كنيسته وفوجيء بالخبر الحزين فذهب إلى بيت أندي ليعزي أهله. وخلال الزّيارة سأل عن هويّة صاحب الثّياب البيضاء، فأجاب الأب بأنّه "لم يقل لهما شيئًا ولكنّه جلس حزينًا يبكي ابننا وكأنّه يعرفه منذ مدّة طويلة... إلّا أنّ شيئًا غريبًا حدث أثناء وجوده معنا، لقد شعرنا بسلام كبير في كلّ البيت. قام برفع شعر ابني عن وجهه وقبّله وهمس في أذنيه: "شكرًا على الهديّة، سأراك قريبًا لأنّك ستكون معي"." وأكمل الوالد: "لقد بكيت وبكيت ولكنّ شعورًا جميلاً كان في داخلي فدموعي كانت دموع فرح من دون أن أعرف سبب ذلك، وعندما خرج هذا الرّجل من منزلنا أحسست بسلام داخلي عجيب وحبّ عميق.. أنا أعلم أنّ ابني في السّماء، ولكن أخبرني يا أبتاه من كان هذا الشّخص الّذي كان يتكلّم معه ابني كلّ يوم في الكنيسة؟"، بكى الكاهن وأجاب: "ابنك كان يتكلّم مع يسوع".