ثقافة ومجتمع
21 آذار 2016, 07:56

قصة اليوم : أحبك يا أمي .. أحبك يا ولدي

أثناء الحرب العالمية الثانية، ذهبت إحدى الأمهات مع زوجها وطفلهما الصغير من روسيا إلى فرنسا حيث توفي الزوج بعد فترة وجيزة وتركها وحيدة لتهتم بطفلها ونفسها في أرض غريبة. لم تجد الأم مكاناً تُقيم فيه مع طفلها سوى غرفة تحت الدرج وكانت تجتهد وتعمل بيديها ليجد طفلها ما يسد جوعه ويستر جسده الضعيف. عملت الأم عند بائع ورد، وعندما وجد فيها الرجل أمانة وتعب واحتمال رفع لها أجرها وجعلها تعمل في فندق يمتلكه.

ذات يوم وهي تصعد السلُم بالفندق وقعت وأصيبت واتضح أنها مصابة بالسكري وكانت تتداوى بالأنسولين، ولكنها أخفت ذلك عن إبنها الصغير وطمأنته بأنها بصحة جيدة حتى لا يتسرب الخوف إلى نفسه ولتعوّضه أيضاً عن أبيه الغائب.
كبر الابن وذهب إلى المدرسة فكانت الأم تتحمل مشقة توصيله صباحاً والعودة به وقت الظهيرة، فهي لا تملك ثمن مواصلاته وفي نفس الوقت لا تستطيع أن تتركه يسير بمفرده وسط المواصلات، ويا ليت الأمور ظلت على هذه الحال مكتفية بهذه المعاناة، فكان الأطفال في المدرسة يسخرون من ابنها بسبب ملابسها البسيطة مما سبب الكثير من الضيق للطفل، ولكنها احتملت وكانت تشجعه على أن يفتخر بأمه التى تحبه، فعظمة الأم تقاس بمحبتها وليس بملابسها. استمرت هذه الأم العظيمة في حبها وحنانها وإهتمامها بإبنها حتى أنهى دراسته، وعندما لبس ملابس الجندية هنأته وشجعته لكي يدافع دفاع الأبطال عن بلاده قائله له "إن لم نكن نحن الذين ندافع عنها فمن سيكون يا بني".
وعدت الأم ابنها بأنها سترسل له خطاباً إسبوعياً بمجرّد أن يرسل لها عنوان الكتيبة المُجنّد فيها، وفعلاً إستمرت هذه الأم تُرسل كلمات التشجيع والمحبة لوحيدها في جبهة القتال، وكانت كلمات أمه خير معين وسند له.
وعندما شعرت الأم بأن جسمها قد ضعف وأنها قد تموت قريبًا، قصدت إحدى صديقاتها بعد أن كتبت 140 خطاب بخط يدها وطلبت منها – إذا ماتت – أن تستمر هي عوضاً عنها في إرسال الخطابات بانتظام لإبنها، وفعلاً ماتت الأم واستمرت الخطابات بخط يدها تُرسل لإبنها إسبوعياً فيطمئن على أمه.
وشاءت التدابير الإلهية العجيبة أنه بعد وصول الخطاب رقم 140 بأيام قليلة أن يصاب الابن بشظية في أنفه فكُسر، وأعطي وسام الحرب وأرسل لوالدته. عاد الابن وهو يعلم مكان سكنها عند صاحب الفندق، ولكنه فوجىء بأنها ماتت منذ فترة طويلة وعندما أكّد الابن أنه قد استلم هذا الأسبوع خطاباً بخط يدها، كشفت صديقة أمه أمر الخطابات الـ140 التى كتبتها الام قبل موتها لكي يستمر الابن مطمئناً عليها.