دينيّة
27 آب 2018, 12:47

قدّيس اليوم (28 آب): القدّيس أوغسطينوس

ولد اوغسطينوس سنة 354 في مدينة تاغستا شمالي افريقيا، من والدين مسيحيين هما بتريسيون ومونيكا. وتلقى العلوم العالية على أساتذة وثنيين، فمحوا من ذهنه ما كان قد تعلمه من مبادىء الديانة المسيحية.

 

أتمّ دروسه العالية في قرطاجة، فتفوق على اقرانه وهو في التاسعة عشرة من عمره. وكان طموحاً الى المجد والغنى، ولوعاً بمطالعة كتب الفلاسفة الوثنيين وشعرائهم. استسلم الى شهوات الجسد، وانتحل طريقة المانيّين المنكرين الوحي والمعتمدين على الفلسفة الطبيعية وقوة العقل البشري. ورأى في تلك الطريقة ما زاده توغلاً في المفاسد والشرور.
وكانت والدته مونيكا تبكي وتتضرّع الى الله لأجل اهتداء ابنها. فاستجاب الله صلاتها، فنبذ اوغسطينوس المانيّة وفسادها. وقد حمله على التوبة مثل المتوحدين ولاسيما حياة القديس انطونيوس الكبير. فقال لصديقه أليبيوس :"هؤلاء البسطاء يرثون السماء، ونحن العلماء نلهو بأباطيل الأرض؟" ثم خرج يبكي خطاياه ويأسف على سيرته الماضية.
قصد القديس امبروسيوس الذي يسترشده يوم كان تلميذاً في ميلانو، فمنحه سر العماد المقدس وهو ابن 33 سنة... أما أمه مونيكا فطار قلبها فرحاً على اهتداء ابنها، ثم رقد بالرب بين يديه. وعكف اوغسطينوس على أعمال التوبة ومطالعة الكتاب المقدس والتأليف، فرسمه فاليريوس أسقف هيبونه كاهناً سنة 391 وأقامه مساعداً له.
ولما توفي فاليريوس، خلفه اوغسطينوس على كرسي الأسقفية. فأخذ يعيش عيشة الراهب الناسك. شيّد للرهبان ديراً قضى فيه حياته كلها، كما أنشأ ديراً للراهبات، كانت أخته رئيسة عليهن. وقام يكافح الدوناتيين فأفحمهم ورد منهم كثيرين الى الحقيقة. كافح هرطقة البيلاجيين الناكرين النعمة ومفاعيلها والخطيئة الأصلية. لُقِّب بـ "اللاهوتي وكوكب العلماء وزهرة المدارس وعمود الكنيسة ومَفزعة المبتدعين."
وقد أنشأ اوغسطينوس العديد من الكنائس والمستشفيات والمياتم. وكان عطوفاً كل العطف على الفقراء والمرضى. وقد اضطر مرة أن يبيع آنية الكنيسة ليقدم ثمنها فدية عن بعض الأسرى. وأعماله الخيرية لا يحصى لها عدّ.
له كتاب "الاعترافات" الشهير وهو دليل على عمق تواضعه. وفي تأمله في سر التجسد كان يقول :"يا رب، مَن لا يعبدك كمبدع المخلوقات، يستحق جهنم. ولكن مّن لا يعبدك بعد أن تجسدت وتألمت ومت لأجله، فإنه يستحق جهنم أخرى أشد عذاباً".
وانتهت حياة هذا القديس العظيم في 28 آب سنة 430 وله من العمر 76 سنة... وقد أغنى الكنيسة بما تركه من المؤلفات التي تربو على 120 كتاباً ما عدا الرسائل النفسية. وأنشأ رهبانية تعد أكثر من مئتي جمعية من رهبان وراهبات ينتمون إليه ويسيرون بموجب القوانين والمشترعات التي وضعها.