دينيّة
29 أيار 2017, 05:30

قدّيسو اليوم: 29 أيار2017

تذكار الشهيدة تاودوسيا اللبنانية (بحسب الكنيسة المارونية) ولدت تاودوسيا في مدينة صور اللبنانية. تربت على خوف الله وتقواه. ومنذ حداثتها كانت تلازم الصلوات والتأملات، معرضةً عن ملاذ العالم واباطيله.

 

وفي أثناء الاضطهاد الذي اثاره ديوكلتيانوس ومكسيميانوس على المسيحيين، ذهبت تاودوسيا وهي ابنة ثماني عشرة سنة، الى قيسارية فلسطين لتحضر الاحتفال بعيد الفصح في 2 نيسان سنة 307، حيث كان اوربانوس الوالي قد قبض على كثيرين من المعترفين بالمسيح. فنظرت تاودوسيا بعين دامعة الى اولئك المضطهَدين. واندفعت بكل شجاعة، على نحافة جسمها، وتقدمت اليهم تحييهم بالسلام وتشجعهم وتطلب منهم أن يصلوا من أجلها، فعرف الوالي انها مسيحية فأحضرها غاضباً وأخذ يتهددها بالتعذيب ان لم تضحِّ للأوثان. فأبت بكل جرأة وجاهرت بايمانها بالمسيح فجلدوها ومزقوا لحمانها باظفار من حديد، حتى تفجرت دماؤها، وهي صابرة بثغر باسم، ولم تحجم عن توبيخ الوالي على ظلمه وكفره، فأمر بأن تقيد بالسلاسل وتلقى في السجن حيث قامت تصلي، رافعة عينيها الى السماء فأرسل الله ملاكه فعزاها وحلها من قيودها. عندئذ أمر اوربانوس بأن يعلق في عنقها حجر ضخم وتغرق في البحر. فتكللت بغار الشهادة سنة 307. صلاتها معنا. آمين.

 

القدّيس بطرس  بطريرك الإسكندرية (بحسب الكنيسة السريانية الكاثوليكية)

ولد هذا القدّيس في مدينة الإسكندرية، وفي سنة 300 إنتُخب بطريركاً على الكرسي الإسكنري، لِما تحلّى به من علم غزير وفضيلة راهنة. وفي سنة 303 أثير ديوكلتيانوس وزميله مكسيميانوس إضطهاد عام على كنيسة المشرق، فشرع البطريرك بطرس يطوف أنحاء البطريركية ويشجّع أبناءه على الثبات في إيمانهم، فكان لكلامه أشد تاثير في القلوب. وحدث أن ملاتيوس أسقف هليوبوليس جحد الإيمان وقدّم بخوراً للأوثان، مع بعض المسيحيين، خوفاً من العذاب. فحزن البطريرك جداً لهذا الحادث الأليم وأخذ يبذل النصح الأبوي له لكنّه لم يرعو عن غيّه. فعقد البطريرك مجمعاً مع بعض الأساقفة ، وحرمه هو والشمّاس آريوس... وفي السنة 311، قبض الولاة عليه بأمر مكسيميانوس، وألقوه في السجن الى الغد. عرف المؤمنون بذلك، فجاؤوا يدافعون عنه. وكان آريوس قد تظاهر بالتوبة وقصده بذلك أن يكون خليفة للبطريرك بعد وفاته. عرف البطريرك مراد آريوس وخبثه وطمعه بالبطريركية. ثم اختلى بكاهنَيْه الفاضلين وحذّرهما من آريوس وشرّه. وبعد ذلك أتى الجند ليأخذوه الى الإستشهاد، فأسلم نفسه. فجاؤوا به الى معبد صغير كان قد أعدّه قبراً له، وبعد أن جثا يصلّي الى الله ليمنع الإضطهاد عن الكنيسة، قدّم عنقه للسيف وفاز بإكليل الشهادة سنة 311.

 

سنكسار القديسة ثيودوسية العذراء الشهيدة (بحسب الكنيسة الارثوذكسية)

أورد خبر القديسة الشهيدة في العذارى ثيودوسية الصورية المؤرّخ الكنسي أفسافيوس القيصري (260-340م). ففي مؤلَّفه عن شهداء فلسطين, الفصل السابع, المقطع الأول والثاني, قال في معرض حديثه على ما حدث في قيصرية: أن فتاة عذراء تُدعى ثيودوسية, من أهل صور, وُجدت في قيصرية في نفس يوم الرب, يوم قيامة مخلصنا, وأنها حيَّت علناً المساجين المسيحيين وشدّدتهم وسألتهم الذكر أمام الرب الإله, وأنه قُبض عليها, واستُجوبت وعُذِّبت واستُشهدت.

كان ذلك زمن الاضطهاد الكبير الذي أشعله ذيوكليسيانوس قيصر. وكان عمرها يومذاك يقارب الثامنة عشرة.

رفاتها ربضت طويلاً في القسطنطينية ثم انتقلت إلى البندقية. بالإضافة إلى البندقية بعض المواقع اليوم يدّعي استئثاره ببعض من رفاتها: موتيي أندير في شمبانيا الفرنسية ولياج البلجيكية وبولونيا الإيطالية. كذلك ورد أن قسماً من رفاتها موجود في كنيسة القدّيسة مارسيا في بيراوس اليونانية وفي دير خريسوبوداريتيسّا في كيميسيس, باتراس اليونانية أيضاً.

وفي مثل هذا اليوم أيضاً : سنكسار تذكار القدّيس ألكسندروس، رئيس أساقفة الإسكندرية

وُلد حوالي العام 250م. كان أحد الكهنة البارزين في زمن أسقفية القدّيس بطرس الإسكندري المعيَّد له في 24 تشرين الثاني. امتاز بالورع والغيرة المقدّسةوالوداعة واللطافة. في تقواه كان الشعب يدعوه "القدّيس"، وفي حبّه للفقراء والمساكين لقّبوه بـ "أبي الفقراء". قالوا كان لا يقرأ الكتاب المقدّس جالساً قطّ، بل كان يقف والضوء أمامه. فلما مات أخيلوس المقام على الكرسي الإسكندري بعدما شغله خمسة أشهر، تمّ اختيار ألكسندروس ليحلّ محلّه في العام 313م.

اهتمّ قدّيس الله بلملمة الكنيسة وإعادة تنظيم شؤونها بعد ما لحق بها من تبعثر من جرّاء حملات الاضطهاد على المسيحيّين. عُني بإعداد الكهنة ورفّع إلى درجتي الكهنوت والأسقفية قوماً تقدّسوا بالنسك والعزلة. بنى الكنيسة الكبرى للقدّيس ثيوناس في الإسكندرية.

كان عليه، قبل كل شيء، أن يتصدى لأنصار ملاتيوس المنشقّ، أسقف ليكوبوليس (أسيوط) - هذا سام أساقفة على هواه وجعلهم على الأسقفيات الشاغرة أثناء الاضطهاد. ولكي يبرِّر انشقاقه تبنّى مواقف متطرّفة من المرتدّين (Lapsi) الذين جحدوا الإيمان بالمسيح تحت الضغط ثم رغبوا في العودة إليه فيما بعد – هؤلاء رفض ملاتيوس مصالحتهم. يذكر أن ملاتيوس نفسه كان قد أنكر الإيمان في زمن ذيوكلسيانوس بالرغم من النصيحة التي قدّمها له أربعة أساقفة في السجن. على هذا كوّن حزباً ضمّ ثلاثين أسقفاً أعلنوا استقلالهم عن رئيس الأساقفة الشرعي وأدخلوا، على ما قيل، بعض الأنظمة اليهودية في عبادتهم. وقد سبق للقدّيس بطرس أن عقد مجمعاً حكم فيه بتجريد ملاتيوس لكن هذا الأخير لم يعبأ بذلك.

أما آريوس، الذي كانت للقدّيس ألكسندروس حكاية معه، فقد كان، في بادئ الأمر، من حزب ملاتيوس، وقيل إن ملاتيوس وأتباعه سعوا بكل طاقتهم للحؤول دون استلام ألكسندروس سدّة رئاسة الأسقفية ورغبوا في آريوس بديلاً منه. فلما تسقّف ألكسندروس آثر آريوس التواري والتظاهر بمظهر اللياقة حيال رئيس الأساقفة لكنه ما لبث، ابتداء من العام 318، أن أخذ يجاهر بمناقضته لألكسندروس. أخذ يعلّم، باعتماد الحجج الجدلية، أن كلمة الله لم يكن منذ الأزل وأنه مجرّد خليقة من خلائق الله. لذا لا يسعنا، نتيجة ذلك، بحسب زعمه، أن نتكلّم على وحدة الأقانيم الإلهية الثلاثة: أُخطر ألكسندروس بمناورات آريوس ودسائسه فتريّث ولم يتّخذ، في حقّه، أية إجراءات محاولاً استرداده إلى الإيمان الأرثوذكسي بالمحادثات والنصائح الأبوية. لكن آريوس لم يرعو وذهبت جهود ألكسندروس هباء، فأخذت الهرطقة تنتشر في كل الأصقاع المصرية التي شهدت، يومذاك، انقساماً بين الفريق الأرثوذكسي من ناحية وفريقي آريوس، من ناحية، وهلاتيوس من ناحية أخرى. يذكر أن آريوس اعتمد على الفصاحة والخداع في تمرير أفكاره، كما وضع ترانيم لها بنغمات عذبة تجذب بسطاء الناس وتظاهر بروح النسك والعبادة. وقيل اجتذب العديد من الراهبات والعذارى والنساء استخدمهن في نشر بدعته. إذ ذاك قرّر ألكسندروس وضع حدّ للنزف الحاصل وقطع آريوس. فبعد مجمع محلّي التأم في العام 319 م ودُعي فيه آريوس رسمياً إلى ترك بدعته، لم يشأ أن يسمع، فعقد ألكسندروس مجمعاً آخر في الإسكندرية ضمّ مائة أسقف من مصر وليبيا وحرم آريوس وبدعته. استجار آريوس بأفسافيوس النيقوميذي وأظهر ذاته كمضطهَد من أجل الحقّ. ولمّا استمرّ معانداً يعظ ويبثّ سمومه عمد ألكسندروس إلى طرده.

لم يشأ آريوس أن يخضع ولا أن يسلّم، لذا سعى إلى استمالة الأساقفة في أبرشيات خارج مصر. اتّسعت دائرة الصراع فأخذ ألكسندروس يكتب إلى ألكسندروس القسطنطيني وسواه من أساقفة المعمورة شارحاً بدعة آريوس ومعتقداته الخاطئة.

فما إن حلّ العام 322 حتى صار لآريوس أتباع هنا وثمّة، بين الأساقفة، فعقدوا مجمعَين الأول في بيثينية سنة 322 م والثاني في فلسطين في السنة 323 م. قرّر هذان المجمعان أن الحكم الصادر في حقّ آريوس، من قبل بطريرك الإسكندرية، باطل وطالباً بعودة آريوس إلى الإسكندرية.

بإزاء ما حصل صمد ألكسندروس وقاوم. وقد حرّر رسالة إلى أفسافيوس النيقوميذي محتجّاً على تدخّله. وقد ضمّن رسالته بسطاً للهرطقة الجديدة مبيِّناً كيف أنها تبطل كل مشروع الخلاص. ففيما اعتمد آريوس، في مقاربته لأسرار الإيمان، على القياس المنطقي والفلسفة، اعتمد ألكسندروس على تراث الكنيسة فأعلن أنه بسبب كون الكلمة ابن الله بالجوهر، تسنّى لنا، نحن الآدميين، أن نصير أولاداً لله بالتبنّي وننعم بالحياة الأبدية. كما صرّح ألكسندروس أن مستعد أن يدافع عن هذه الحقيقة المقدّسة حتى الموت.

في تلك الأثناء استفاد آريوس من الخصومات المتزايدة بين قسطنطين وليسينيوس فعاد إلى مصر خلسة وشرع، من جديد، في بثّ أفكاره. فلما تمكّن قسطنطين من الاستئثار بالسلطة، وكانت مشكلة آريوس قد اتّخذت بعداً مسكونياً، أي في مستوى الإمبراطورية برمّتها، كتب بإيحاء من أفسافيوس النيقوميذي الذي ربطته بأخت قسطنطين، كونسطانسيا، علاقات مودّة، أقول كتب إلى ألكسندروس وآريوس معاً متّهماً إيّاهما بالتسبّب باضطراب في طول البلاد وعرضها للاشيء. ثم أوفد القدّيس هوسيوس، أسقف قرطبة، وهو أحد المعترفين، إلى مصر للاستطلاع. فلما اطلّع هوسيوس على الأمر، عن كثب، أدرك خطورة الهرطقة المعروضة. وعلى رأي ألكسندروس، نصح هوسيوس قسطنطين أنه من غير مجمع مسكوني لا يمكن حلّ المسألة ووضع حدّ لهرطقة آريوس.

في السنة التالية، 325 م، التأم، بدعوة من القدّيس الإمبراطور قسطنطين، المجمع المسكوني الأول في نيقية لمواجهة الأزمة. حضر ألكسندروس رغم تقدّمه في السنّ وعلله. وقد لعب هو وشمّاسه القدّيس أثناسيوس، دوراً تقريرياً. وبالنتيجة تمّت إدانة آريوس وأتباعه بشكل واضح صريح وشهد المجمع في ابن الله أنه "مساوٍ للآب في الجوهر". كذلك عالج المجمع الانشقاق الذي أحدثه ملاتيوس واعترف برئيس أساقفة الإسكندرية على كل مصر وليبيا والمدن الخمس. كذلك لعب ألكسندروس دوراً إضافياً في تحديد تاريخ عيد الفصح. وقد قرّر المجمع إسناد مهمّة تحرير رسالة سنوية إلى كل الكنائس بشأن الفصح إلى رئيس أساقفة الإسكندرية يحدّد فيها تاريخ التعييد المشترك للفصح. هذه العادة بقيت في الممارسة حتى المجمع الخلقيدوني (451 م) حين وقع معظم مصر في يد أصحاب الطبيعة الواحدة.

انتهى المجمع وعاد ألكسندروس إلى الإسكندرية مظفّراً حيث سعى إلى ترميم ما أحدثته الهرطقة الآريوسية وما تسبّب به الانشقاق الملاتي. كل المحاولات لردّ الاعتبار آريوس قاومها ألكسندروس ولم يذعن لها.

رقد في الرب في 26 شباط سنة 326م (أو 327) واختير القدّيس أثناسيوس الكبير خلفاً له.

 

تذكار الشهيدة في البارات ثاوذوسيا (بحسب كنيسة الروم الملكيين الكاثوليك)

كانت هذه البتول العفيفة من مدينة صور الشهيرة عاصمة بلاد فينيقيا، وكانت قد نشأت على حبّ الفضيلة والتعبّد للربّ يسوع، عريس العذارى المسيحيّات، ولأمّه مريم البتول النقيّة.

وفي أوائل القرن الرابع، على عهد الإمبراطورين ذيوكلسيانس ومكسميانس، كان الإضطهاد ضد المسيحيين في أشدّه. وامتاز أربانس والي فلسطين بالفظائع التي ارتكبها ضد المؤمنين. فكان من تلك الوحوش الضارية التي قلّما عرف التاريخ شبيهاً لها في حياة الإنسانيّة. إلاّ أن الله انتقم منه بنوعٍ هائل. لأنّ القيصر غالاريوس شريك الملك ذيو كلسيانس طرده من وظيفته، وحجز أملاكه، ووضع يده على أمواله، وأخيراً ضرب عنقه وأراح الدنيا من شروره.

وكان أربانس هذا جالساً يوماً في كرسي القضاء في مدينة قيصريّة، لمّا أتوه ببعض المسيحيين مقيّدين بالسلاسل ومسوقين كالخراف للذبح. وكان الناس يزدحمون حولهم ليروا ماذا يكون من شأنهم. وكانت ثاوذوسيا واقفةً مع الجمع وعينها تدمع، أمّا قلبها فكان يتهلّل لرؤيتها أولئك الشهداء يضحّون بحياتهم حبّاً للمسيح إلهمم. وكان قلبها يعشق المسيح ختنها وموضوع حبّها. فالتفتت إلى أولئك الشهداء وحيّتهم بإحترام، وطلبت إليهم أن يشفعوا فيه عند الربّ. فلحظ الشرط منها ذلك، فقبضوا عليها وساقوها هي أيضاً أمام ذلك الوحش المفترس. فلمّا رآها هذا إشتدّ غضبه وتطاير الشرر من عينيه، لأنّه كان يتميّز غيظاً إذ يرى أنّه رغم بطشه وفتكه بالمسيحيين وإنزاله بهم من العذابات ما تقشعر منه الأبدان وما لم يحظر ببال إنسان، لم يكن ليظفر من واحد منهم، لا من رجل ولا من إمرأة ولا من فتاة ناعمة ولا من صبي حديث السن، بكلمة تدل على الخوف أو على الكفر بالمسيح. وكان قد أعاد الى عالم الوجود نوعاً من العذاب الفظيع كانت أجيال الهمجية السالفة قد إبتدعته. فكان يجعل الرجل  في كيس من جلد البقر، ويضع معه كلباً وأفعى معاً، ويخيط الكيس عليهم جميعاً ويطرحهم في البحر. وهكذا فعل بالشهيد ألمبيانس الذي ركان من صور، والذي تحتفل الكنيسة اللاتينيّة بتذكاره في الثالث من شهر نيسان (أبريل).

فانتهر أربانس البتول ثاوذوسيا بغضب، وسألها هل هي أيضاً مسيحيّة. فاعترفت البتول بإيمانها بكل جرأة وكل بسالة. فأمر في الحال الجلاّدين أن يعرّوها من ثيابها ويجلدوها بأشد ما تصل إيديهم إليه من القساوة. فجلدوها بعنفٍ حتى سالت دماؤها وتناثرت لحمانها وهي صابرة ساكتة لا تئن ولا تتأوّه، ولم تفارق الإتسامة شفتيها، كأنّ قوّةً إلهيّة كانت تحميها وتقوّيها. ثم أعملوا أمشاط الحديد في خاصرتيها وثدييها، فتفجّرت الدماء كأنّها من ينابيع فوّارة.

فلمّا رأى أربانس منها ذلك تميّز غيظاً، لكونه لم يقدر أن يظفر بثبات فتاةٍ صغيرة ناعمة. ثم أمر بها، فطُرحت في البحر. وهكذا فازت بإكليل العرس مع ختنها السماوي ملك الشهداء وختن العذارى.

وانتشرت عبادة البتول الشهيدة ثاوذوسيا في كل البلاد، شرقاً وغرباً، لنقاوتها وشجاعتها وصبرها على الآلام وازدرائها بنعيم الدنيا حبّاً ليسوع حبيب حياتها. فكم سُرّ قلب الفادي الإلهي لرؤيته ثاوذوسيا، وغيرها من النساء الشريفات والبتولات النقيّات، يبذلن دماءهنّ بفرحٍ حبّاً له وإكراماً لآلامه. وأن ثاوذوسيا وبربارة وكاترينا وتقلا وزميلاتهنّ سيبقين على الدوام فرح السيّد المسيح، وبهجة الملائكة، وموضوع فخار للكنيسة، ومثالاً أعلى للفتيات المسيحيّات في الطهارة والنقاوة والتضحية والمحبّة المسيحيّة الحقيقيّة.

 

نياحة القديس مرتيانوس (بحسب الكنيسة القبطية الارثوذكسية)

في مثل هذا اليوم تنيح القديس مرتينيانوس وقد ولد هذا القديس في مدينة قيصرية فلسطين وترهب منذ حداثته عند شيخ قديس في الجبل القريب من بلده الذي يسمي جبل السفينة. وقد أجهد نفسه بعبادات كثيرة. وأقام هناك ستا وستون سنة فذاعت فضائله وسمعت به امرأة شريرة فقالت لبعض المتحدثين بفضائله: "إلى متي تمجدونه وهو في برية لا ينظر وجه امرأة؟ لو نظرني لأفسدت نسكه ونجست بتوليته "

فنهروها علي قولها هذا لما يعرفونه عن هذا القديس من الطهر والقداسة ولكنها راهنتهم علي أن تمضي إليه وتوقعه في الخطية ثم قامت في الحال ووضعت حليها وملابسها الثمينة وعطورها في قطعة قماش وارتدت زيا زريا وسترت وجهها وذهبت إلى مكان قريب من موضع القديس وانتظرت حتى أمسى النهار. ثم تقدمت وقرعت بابه باكية متظاهرة بأنها ضلت الطريق وترغب المبيت عنده حتى الصباح فتحير القديس في أمرها فأما أن يدعها خارجا فتأكلها الوحوش أو يدخلها فتشتد عليه المحاربة بسببها وأخيرا فتح لها ومضي هو إلى مكان آخر في القلاية.

أما هي فلبست ثيابها وتزينت بحليها وتطيبت وهجمت عليه تراوده عن نفسها. فعلم أنها مصيدة من الشيطان نصبها له. فقال له: "تمهلي حتى أري الطريق. لأن بعض الناس لهم عادة أن يأتوا إلى هنا من حين لأخر " وخرج فأضرم نارا وصار يلقي بنفسه فيها مرة بعد أخري مخاطبا نفسه قائلا: "ان كنت لا تقدر أن تحتمل أوجاع حريق نار ضعيفة فكيف أذن يمكنك أن تحتمل نار الجحيم " قال هذا وسقط علي الأرض باكيا من شدة ألم النار التي أحرقت رجليه ,أصابعه. فلما أبطأ خرجت إليه فرأته علي تلك الحال. فخافت واضطربت جميع حواسها ورجع إليها عقلها فنزعت عنها زينتها وخرت عند قدميه وسألته أن يعينها علي خلاص نفسها. فبدأ يعظها ويعرفها زوال الدنيا وشهواتها. ثم أخذها إلى أحد ديارات العذارى وأوصى الأم بها. أما هي فقد عاشت في النسك والطهارة وأرضت الرب بقية حياتها وبلغت درجة عالية من القداسة ونالت موهبة الشفاء وأبرأت مرضى كثيرين.

أما القديس مرتينيانوس، فخاف أن يأتي إليه العدو بامرأة أخري فمضي إلى جزيرة وسط البحر وسكن هناك وأتفق مع بحار أن يبيع له شغل يديه ويحضر له ما يقتات به، وبعد مدة حدث أن هاجت الرياح علي إحدى السفن فاصطدمت بصخرة فانكسرت فتعلقت امرأة ممن كانوا بها بلوح الخشب وقذفتها الأمواج إلى تلك الجزيرة. فلما رآها القديس تحير في أمرها. وأراد ترك الجزيرة فطلبت إليه أن يرهبنها فأجابها إلى رغبتها. ثم أعطاها ما عنده من الخبز ورسم نفسه بعلامة الصليب، وطرح ذاته في البحر متعلقا بلوح الخشب الذي تعلقت هي به وأسلم نفسه في يد القدير فصارت تتقاذفه الأمواج حتى وصل إلى البر ولم يستقر في مكان وأخذ يجول في البراري والقفار والمدن وقد ظل علي هذه الحال مدة سنتين حتى وصل إلى الكنيسة وعرفه قضيته. وأسلم الروح بيد الرب فكفنوه ودفنوه بإكرام.

أما المرأة التي بقيت في الجزيرة فان البحار أخذ يتفقدها إلى أن تنيحت فحمل جسدها إلى بلاده.

صلاته هذا البار تكون معنا. ولربنا المجد دائما. آمين.

وفي مثل هذا اليوم أيضاً : التذكار الشهري لوالدة الاله القديسة مريم العذراء

فى مثل هذا اليوم نعيد بتذكار السيدة العذراء الطاهرة البكر البتول الذكية مرتمريم والدة الإله الكلمة أم الرحمة، الحنونة شفاعتها تكون معنا. آمين.