قدّيسو اليوم: 1 آب 2017
اما شموني فقد قبض عليها الملك مع اولادها واكرههم على تناول لحم الخنزير المحرم. فقال احد الشهداء:" اننا نختار الموت ولا نخالف شريعة آبائنا". فحنق الملك وأمر بحرقه. وعذبوا الثاني فمات وهو يقول للملك:" انك ايها الفاجر تسلبنا الحياة، ولكن ملك العالمين سيقيمنا لحياة أبدية".
وقال الثالث وهم يقطعون لسانه:"من رب السماء اوتيت هذه الاعضاء واياه ارجو لاستردها".
وعذبوا الرابع ومات قائلاً:"حبذا ما يتوقعه الذي يُقتَل بأيدي الناس، من رجاء اقامه الله له. أما انت ايها الملك، فلا تكون لك قيامة الحياة".
والخامس عذبوه. فالتفت الى الملك وقال:" انك بما لك من السلطان على البشر، مع كونك فانياً، تفعل ما تشاء. لكن لا تظن ان الله خذل ذريتنا. اصبر قليلاً فترى بأسه الشديد كيف يعتريك انت ونسلك".
والسادس قال للملك:" نحن خطئنا الى الهنا فجبلنا على نفسنا هذا العذاب، فلا تحسب انك تُترك سُدَّى بعد تعرضك لمناصبة الله".
وكانت امهم تحرض كلا منهم بلغة آبائها قائلة:" ان الله الذي تبذلون نفوسكم في سبيل شريعته، سيعيد اليكم برحمته الروح والحياة".
اما انطيوس فأخذ يتملق الصغير السابع ويغريه بالوعود اذا طاوعه. فقال الغلام:" اني لا اطيع امراً لملك وانما اطيع الشريعة". فأمر الملك بقتله. والحق بهم أُمهم شموني سنة 161 قبل المسيح. صلاتهم معنا. آمين.
الشهيدة شموني واولادها ولعازر المعلم (بحسب الكنيسة السريانيّة الكاثوليكيّة)
جرت قصة الشهيدة شموني مع بنيها السبعة الشهداء في عهد الملك انطيوخس الرابع ابيفانس (175 - 164 ق.م.) وهو أخو سلوقس الرابع في سلسلة الحكام والملوك الذين خلفوا الاسكندر الكبير وتقاسموا السيطرة على مناطق الشرق الأوسط. سار انطيوخس على درب أسلافه في فرض التيار الهلينستي الوثني على اليهود، فقاوم هؤلاء هذا التيار بضراوة وجرت معارك حامية بين اليهود المكابيين الملتزمين بالديانة اليهودية وبالشريعة وبين المستعمرين الوثنيين. ومعظم الاخوة المكابين استشهدوا في سبيل الله... وبعد ان يروي سفر المكابيين الثاني(6 : 18 - 31) استشهاد لعازر الذي كان من وجهاء الكتبة، يقص خبر تلاميذه الاخوة السبعة الذين ألقي القبض عليهم مع امهم التي يسميها التقليد شموني. وأراد الملك أن يكرههم على تناول لحم الخنزير المحرم ، فعذبهم وقتلهم الواحد تلو الآخر ولم يخالفوا الشريعة، بل جابهوا الملك وأفحموه بأجوبتهم وبشجاعتهم(2مك 7 : 1 - 40). وبعد أن بذل الأخوة السبعة دماءهم في سبيل الحقيقة، لحقت بهم والدتهم البارة أيضًا الى دار الخلود. وقد أكد هذا النص على ان الشهداء سيقومون بقدرة الخالق لحياة خالدة ابدية. وكان ذلك في سنة 161 قبل المسيح. ونحن إذ نكرّم هؤلاء شهداء العهد القديم، نضمهم الى فيالق شهداء العهد الجديد الذين بذلوا حياتهم في سبيل الحقيقة.
عيد زيّاح الصليب (بحسب الكنيسة الارثوذكسيّة)
يعود تاريخ هذا العيد إلى العام 164م.
يُقال أنّ البيزنطيّين والروس كانوا يحتفلون به في آنٍ معاً، زمن الأمبراطور البيزنطيّ عمّانوئيل الأول والأمير الروسيّ أندري، البيزنطيّون لانتصارهم على المسلمين والروس على البلغار.
جرت العادة في القسطنطينيّة، أن يُصار إلى إخراج عود الصليب من كنيسة القصر الملكيّ إلى كنيسة الحكمة المقدّسة والتطواف به بمواكبة حشد من الكهنة والشمامسة يبخّرونه في الطريق.
كانوا يتوقّفون أولاً عند بيت المعموديّة الصغير حيث يجري تقديس المياه. بعد ذلك يكمّل الموكب سيره إلى كنيسة الحكمة المقدّسة حيث يوضع الصليب على المذبح. من هناك كان الموكب يطوف المدينة، حيًّا حيًّا، ويستمر إلى مساء عيد رقاد والدة الإله في 14 آب. الغرض منه كان تنقية الجوّ، وحماية سكان العاصمة من الأوبئة الّتي كان انتشارها سهلاً في مثل هذه الأيّام الحارّة من السنة. ثمّ بعد أن يُستعان بالصليب المقدّس لصحّة وتعزية كلّ من يوقّرونه بإيمان، كان يٌردّ إلى القصر.
وفي مثل هذا اليوم أيضًا: المكابيّون الـ الشهداء وأمهم صلموني ومعلّمهم لعازر
كان القدّيسون السبعة المكابيّون، أخوة، يهود الجنس، محافظين على شرائعهم الأبويّة بكلّ تدقيق وضبط.
في عهد الملك انتيوخس، اضطهدهم وأجبرهم مع أمّهم ومعلّمهم على مخالفة الناموس، فقاسوا التعذيبات الأليمة الكثيرة. واحتملوا كلّ ذلك بصبرٍ مظهرين بالأعمال أن العقل هو ضابط الأهـواء ومليكهـا وإنّه قادر علـى كبحها متى شاء.
وهكذا توفّوا في العذاب إذ ازدروا بالحياة من أجل حفظ الناموس الإلهيّ. وكان المتقدّم في مكابدة التعذيبات معلّمهم العازر، ثمّ تبعوه بحسب سنّهم. أمّا أمّهم صلموني العجيبة فكانت حاضرة تشهد تغلّب أولادَها على ذاك المغتصب وتقوّي عزمَهم. وبعدَ استشهاد الأخير من ابنائها طُرِحَت في النّار.وكان ذلك سنة 168 قبل الميلاد.
الطواف بالصليب الكريم المحيي (بحسب كنيسة الرّوم الملكيّين الكاثوليك)
كان يحدث في مدينة القسطنطينيّة لإشتداد حمارَّة القيظ في شهر آب هذا (أوغسطس) أن الأمراض كانت تنتشر وتفتك بالناس. فدفعا لتلك الأوبئة إعتادت كنيسة القسطنطينيّة أن تطوف بعود الصليب الكريم المحيي لتنال به من المخلّص الإلهي بركةً ورحمةً. فكان الكهنة والشمامسة يأتون به بإحتفال من خزانة الملك ويضعونه على المائدة المقدّسة في كنيسة آجيا صوفيا الكبرى، فيأتي المؤمنون ويسجدون له. ثم كانوا يحملونه كل يومٍ ويطوفون به باحتفال عظيم في شوارع العاصمة وأزقّتها إبتداءً من أول هذا الشهر حتى عيد رقاد السيّدة العذراء، أعني مدّة أربعة عشر يوماً. وهكذا كان المؤمنون يكرّمون الصليب المحيي. ويحافظون على القطاعة عن الزفرين إستعداداً لعيد السيّدة الشريفة.
وفي مثل هذا اليوم أيضًا: القديس الشهيد لعازر
في سنة 332 قبل المسيح كان الإسكندر ذو القرنين قد دوّخ بلاد آسيا وسوريا ولبنان وفلسطين ومصر، ودخل أورشليم عنوةً وأخضعها لسلطانه. فلمّا مات ذلك الملك العظيم والفاتح الشهير، تقاسم قوّاده مملكته المتزامية الأطراف. فضمّ بطلماوس إليه بلاد مصر، وضمّ سلوقس إليه بلاد سوريا واتّخذ أنطاكية عاصمة له. أمّا بلاد اليهوديّة وأورشليم فاضحت كرةً تتلقفها الأيدي، ما بين ملوك مصر وملوك سوريا.
وفي سنة 170 قبل المسيح، كان على عرش أنطاكية ملك شرير قاسٍ يُدعى أنطيوخس بفانس أي الشهير، ولقد لقّبه التاريخ بالأحمق. وكان هذا الملك العاتي قد استولى على أورشليم، وسلب كنوزها، وقتل الألوف من اليهود بحدّ السيف، وأمر بإبطال شريعة موسى وأقام تمثال الصنم "زوس الأولمبي" في هيكل سليمان المرمَّم في أورشليم، وتمثال الصنم "زوس المضياف" في هيكل جرزيّم في بلاد السامرة، وأخذ يضطهد اليهود إضطهاداً مريعاً ليحملهم على ترك عبادة الله وأتباع الأوثان.
فخاف الكثيرون من اليهود أن يحلّ بهم سخط الملك فخضعوا لأوامره. إلاّ أن الألوف منهم حملوا علَم إيمانهم عالياً، بجرأة وشجاعة جديرتين بكل إعجاب وإكبار، رغم ما حلّ بهم من الإضطهادات وما قاسوه من النكبات.
وكان بين الذين ذاقوا أنواع العذاب والهوان، وسفكوا دمهم رخيصاً في سبيل إيمانهم الشيخ لعازر الكاهن، والأخوة المكّابيون السبعة وأمّهم صالومي.
كان لعازر شيخاً طاعناً في السن قد ناهز التسعين من العمر، وكان من بيت هرون وكاهناً للعلي. فقبضوا عليه وأرادوا أن يرغموه على أكل لحم الخنزير، وكانت الشريعة تحرّم أكله. فأبى بكل ثبات وإقدام. فحاولوا إقناعه، فلم يُفلحوا. فتهددوه بالقتل، فلم يكترث. فأشفقوا عليه وعلى شيخوخته ورجوا منه أن يتظاهر بالطاعة لأوامر الملك فيأتونه بلحمٍ غير لحم خنزير فيأكل منه، ويوهمون الوالي بأنّه أكل من لحم خنزير وهكذا يكون قد نجا من الموت ولا يكون على زعمهم قد خالف شريعة الله.
فأجابهم لعازر: "بل أسيق إلى الجحيم، لأنّه لا يليق بسنّنا الرثاء، لئلاّ يظنّ كثيرمن الشبّان أن لعازر، وهو إبن تسعين سنة، قد انحاز إلى مذهب الأجانب، ويضلّوا بسببي لأجل رثائي وحبّي لحياة قصيرة فانية، فأجلب على شيخوختي الرجس والفضيحة. فإنّي ولو نجوت الآن من نكال البشر، لا أفرّ من يدَي القدير، لا في الحياة ولا بعد الممات. ولكن إذا فارقتُ الحياة ببسالةٍ، فقد وفيتُ بحق شيخوختي وأبقيتُ للشبّان قدوةً شهامةٍ ليتلقّوا المنيّة ببسالةٍ وشهامة في سبيل الشريعة الجليلة المقدّسة".
فلمّا رأوا منه ذلك ساقوه إلى العذاب، وضربوه بقساوةٍ بربريّة حتى أماتوه. فقال وهو يصعّد أنفاسه الأخيرة: "يعلم الرب، وهو ذو العلم المقدّس، أنّي، وأنا قادر على التخلّص من الموت، أكابد في جسدي عذاب الضرب الأليم، وأمّا في نفسي، فإنّي أحتمل ذلك مسروراً لأجل مخافته".
والكتاب المقدّس يقول بعد ذلك: "وهكذا قضى هذا الرجل، تاركاً موته قدوة شهامةٍ وتذكارفضيلة لأمّته بأسرها، فضلاً عن الشبّان بخصوصهم".
وفي مثل هذا اليوم أيضًا: إستشهاد الأخوة المكابيين السبعة وأمّهم صالومي
ومن الحوادث المروّعة التي حفظها لنا التاريخ وذكرها سفر المكابيين الثاني حادث إستشهاد الأخوة المكابيين السبعة وأمّهم صالومي، المرأة الجبّارة في إيمانها وثباتها وعاطفتها، على عهد الملك أنطيوخس الطاغية.
"وقُبض على سبعة أخوةٍ مع أمّهم. فأخذ الملك يُكرههم على تناول لحوم الخنزير المحرقة". فلمّا أبَوا أن يتناولوا شيئاً منها أمر بضربهم، فجُلدوا بقساوةٍ بالمقارع والسياط. فقال أكبرهم للملك: "أنا لنختار أن نموت ولا نخالف شريعة آبائنا".
"فخنق الملك وأمر بإحماء الطواجن والقدور. ولمّا أحميت أمر لساعته أن يُقطع لسان الذي انتدب للكلام، ويُسلخَ جلد رأسه، وتُجدع أطرافه على عيون أخوته وأمّه". يا للفظاعة البشريّة، وللوحشيّة الإنسانيّة! "ولمّا عاد جذمةً، أمر بأن يؤخذ إلى النار، وفيه رمق من الحياة، ويُقلى. وفيما كان البخار منتشراً من الطاجن، كانوا هم وأمّهم يحضّ بعضهم بعضاً أن يُقدموا على الموت بشجاعةٍ قائلين: أن الرب الإله ناظر وهو يتمجّد بنا".
"ولمّا قضى الأول على هذه الحال، ساقوا الثاني إلى الهوان، ونزعوا جلد رأسه مع شعره، ثم سألوه هل يأكل قبل أن يعاقب في جسده عُضواً عضواً. فأجاب بلغة آبائه وقال: لا. فأذاقوه بقيّة العذاب كالأول. وفيما كان على آخر رمقٍ قال: أنّك أيّها الفاجر تسلبنا الحياة الدنيا. ولكن ملك العالمين، إذا متنا في سبيل شريعته، فسيقيمنا لحياة أبديّة".
وبعده أتى دوره الثالث. "وأمروه، فدلع لسانه وبسط يديه بقلب جليد، وقال" إنّي من رب السماء أوتيتُ هذه الأعضاء، ولأجل شريعته أبذلها، وإيّاه أرجو أن أستردّها من بعد. فبهت الملك والذين معه من بسالة قلب ذلك الغلام، الذي لم يبالِ بالعذاب شيئاً". وهكذا سفك دمه نظير أخويه.
ثم عذّبوا الرابع، والخامس، والسادس، والأم واقفة، كما سوف تقف مريم أمام الصليب فكان الأولاد أبطالاً في جلادتهم وثباتهم، وكانت الأم جبّارة في صبرها وإيمانها. فكانت هي تذكي الشجاعة والإقدام في قللوب بنيها. ويقول عنها الكتاب المقدّس: "وكانت أمّهم أجدر الكل بالعجب والذكر الحميد. فإنّها عاينت بنيها السبعة يهلكون في مدّة يوم واحد، وصبرت على ذلك بنفس طيّبة ثقة بالرب. وكانت تحرّض كلاًّ منهم بلغة آبائها، وهي ممتلئة من الحكمة السامية، وقد ألقت على كلامها الأنثوي بسالة رجلية، قائلة لهم: إنّي لست أعلم كيف نشأتم في أحشائي، ولا أنا منحتكم الروح والحياة. على أن خالق العالم سيعيد إليكم برحمته الروح والحياة، لأنّكم الآن تبذلون أنفسكم في سبيل شريعته".
أمّا أنطيوخس العاتي، فإنّه خشي أن يستخف عبيده به بعد أن خذله الأخوة المكابيون الستة وهزأوا به وبعذاباته. "فأخذ يحرّض بالكلام أصغرهم الباقي، بل أكّد له بالإيمان أنّه يغنيه ويُسعده إذا ترك شريعة آبائه، ويتّخذ خليلاً له ويقلّده المناصب". لكن ذلك الغلام الصغير رفض بعزّة نفس وأباء ما كان الملك يعرض عليه من جاهٍ وثروة. "فدعا الملك أمّه، وحثّها أن تشير على الغلام بما يبلّغ إلى خلاصه، وألحّ عليها حتى وعدت بأنّها تشير على إبنها. ثم انحنت إليه واستهزأت بالملك العنيف، وقالت بلغة آبائها: يا بُني، إرحمني أنا التي حملتك في جوفها تشعة اشهر، وأرضعتك ثلاث سنين وعالتك وبلّغتك إلى هذه السن وربّتك. أنظر، يا ولدي، إلى السماء والأرض، وإذا رأيت كلَّ ما فيهما، فاعلم أن الله صنع الجميع من العدم. فلا تخف من هذا الجلاّد، لكن كن مستأهلاً لأخوتك، وأقبل الموت لأتلقاك مع أخوتك بالرحمة".
ما أعظم هذا الإيمان، وما أكبر قلب هذه الأم! ولكن ما أضعف عقل الغاصبين العتاة، وما أذلّه! فإنّ واحدهم، لولا سلطانه وجنوده لكان أحقر خلق الله، وأضعفهم همّة وأقعدهم مروءةً. هذا أنطيوخس يميت ستةً من الشبّان على مرأى والدتهم المسكينة، بعد أن ينكل بهم ويُنزل بهم من العذابات ما تقشعر له الأبدان وتنفر منه الوحوش الضارية. ثم لأجل رغبة صغيرة في مجد خسيس باطل، يبتذل إبتذالاً ويتوسّل توسّلاً، ولا يستحي من أن يتقدّم إلى تلك الأم المفجوعة، ويرجو منها أن تحمل إبنها الصغير على الخضوع لإرادته والكفر بإله آبائه.
أمّا الغلام البطل، فإنّه لم يدع أمّه تتابع كلامها له، واستنهاضها لهمّته، بل اندفع بشهامة وقال: "ماذا أنتم منتظرون؟ إنّي لا أطيع أمر الملك. وإنّما أطيع أمر الشريعة التي ألقيت إلى آبائنا على يد موسى". ثم التفت إلى الملك وقال له بجسارةٍ: "وأنت أيّها المخترع كل شر على العبرانيينن أنّك لن تنجو من يدي الله. فنحن إنّما نعاقب على خطايانا وأمّا أنت أيّها المنافق، يا أخبث كل بشر، فلا تتشامخ باطلاً وتتنمّر بآمالك الكاذبة، وأنت رافع يدك على عبيده. لأنّك لن تنجو من دينونة الله القدير الرقيب. وأنا :كأخوتي أبذل جسدي ونفسي في سبيل شريعة آبائنا، وأبتهل إلى الله أن لا يبطىء في توبته على أمّتنا وأن يجعلك بالمحن والضربات تعترف بأنّه هو الإله وحده".
فتميّز الملك غيظاً وأمر بذلك الغلام، فتفنّنوا في تعذيبه حتى أماتوه كأخوته ثم ألحقوا تلك الأم الجبّارة ببنيها. فقضت قريرة العين، وذهبت تنتظر مع أولادها ورود المخلّص الرب، ليفتح بصليبه المحيي، لها ولبنيها ولسائر الصديقين والأبرار والشهداء، أبواب السماء.
تذكار تكريس كنيسة ابى سيفين (بحسب الكنيسة القبطيّة الارثوذكسيّة)
في مثل هذا اليوم تعيد الكنيسة بتذكارتكريس كنيسة القديس العظيم محب أبويه مرقوريوس أبي السيفين أما ترجمة حياته فقد كتبت تحت اليوم الخامس والعشرين من شهر هاتور.صلاته تكون معنا. آمين.
وفي مثل هذا اليوم أيضًا: نياحة القديسة تكلة
في مثل هذا اليوم تنيحت القديسة تكلة التي كانت في أيام بولس الرسول واتفق أنه لما خرج بولس من إنطاكية وأتي إلى ايقونية أن أخذه رجل مؤمن اسمه سيفاروس إلى بيته. فاجتمعت إليه جموع كثيرة ليسمعوا تعليمه. ولما سمعت به العذراء تكلة تطلعت من الطاقة لتسمع تعاليمه فطاب قلبها لذلك وتبعت الرسول فحزن أبوها وكل ذويها وأرادوا منعها من متابعة بولس في اجتماعاته. وإذ لم تذعن لرأيهم عرض أبوها أمرها علي الوالي ليمنعها من سماع تعاليم بولس. فاستحضر الوالي بولس الرسول وفحص تعاليمه وإذ لم يتمكن من إيجاد علة عليه اعتقله أما تكلة فنزعت عنها أفخر ملابسها وحليها ولبست ثياب العبيد، وأتت إلى القديس بولس في السجن وخرت عند قدميه فلما طلبوها لم يجدوها وعرفوا أنها عند بولس الرسول فأمر الوالي بحرقها وكانت أمها تصيح قائلة احرقوها عبرة لغيرها لان نسوة كثيرات من العائلات الشريفة كن قد آمن بواسطة تعاليم الرسول فطرحوها في النار فلم تؤذها وخرجت منها وذهبت إلى بولس ثم توجهت إلى إنطاكية وهنا رآها أحد القواد فأدهشه جمالها وطلب الزواج منها فرفضت قائلة أني عروس المسيح فسعي بها عند الوالي فقبض عليها وألقاها للأسود فلبثت يومين ولم تؤذها ثم أتت إلى حيث الرسول فأمرها أن تبشر بالمسيح في أيقونية فمضت إلى هناك ونادت بالمسيح فأمن أبوها علي يديها ثم تنيحت بسلام.
صلاتها تكون معنا. آمين.
وفي مثل هذا اليوم أيضًا: استشهاد القديستين تكلة وموجي
وفي مثل هذا اليوم استشهدت القديستان تكلة وموجي. وقد ولدتا بقراقص وتربيتا عند معلمة هناك واتفق عند عبورهما البحر أن شاهدتا الوالي يعذب المسيحيين فتعجبتا من قساوة قلبه وظهر لهما ملاك الرب وأراهما مجد القديسين فقصدتا الإسكندرية وهناك اعترفتا بالسيد المسيح أمام الوالي ن فعذبهما عذابا شديدا ثم قطع رأس القديسة موجي أما القديسة تكلة فقد أرسلها إلى دمطو بعد عذاب كثير. وهكذا نالت الاثنتان إكليل الشهادة.
صلاتهما تكون معنا. آمين.
وفي مثل هذا اليوم أيضًا: استشهاد القديسة ليارية
في مثل هذا اليوم استشهدت القديسة ليارية. ولدت بدمليانا بالقرب من دميرة، من أبوين مسيحيين تقيين فنشأت علي الطهارة وكانت مداوية علي الصوم والصلاة ولما بلغت من العمر اثنتي عشر سنة ظهر لها ملاك الرب وهي تعمل وقال لها: لماذا أنت جالسة هنا والجهاد قائم والإكليل معد فوزعت كل مالها وأتت إلى طوه ومنها إلى سرسنا (مركز الشهداء منوفية) فوجدت الوالي واعترفت أمامه بالسيد المسيح فعذبها كثيرا وكان هناك القديس شنوسي الذي كان يعزيها ويشجعها. أما الوالي فقد شدد عليها العذاب حيث مشط لحمها ووضع في أذنيها مسأمير ساخنة ثم ربطها مع سبعة آلاف وستمائة شهيد وأخذهم معه وسافر وفيما هم في المركب قفز تمساح من البحر وخطف طفلا وحيدا لامه فبكت وولولت عليه فتحننت عليها هذه القديسة وصلت إلى السيد المسيح. فأعاد التمساح الطفل حيا سليما. ولما أتوا إلى طوة طرح الوالي القديسة في النار فلم تمسسها بأذى فقطعوا أعضاءها ورأسها وألقوها في النار فنالت إكليل الشهادة. صلاتها تكون معنا. آمين.
وفي مثل هذا اليوم أيضًا: استشهاد القديس أبا اسحق
وفي مثل هذا اليوم استشهد القديس اسحق من أهل شما (مركز اشمون)، وكان يعمل في حراسة بستان. وكان صالحا وديعا تقيا. لم يأكل لحما ولا شرب خمرا يصوم يومين ويفطر علي البقول. وما يفضل من أجرته يفتقد به الفقراء والمساكين وظهر له ملاك الرب في رؤيا وأمره أن يمضي إلى الوالي ويعترف باسم المسيح لينال إكليل الشهادة ففرح ووزع كل ما عنده وأتي إلى الوالي واعترف بالسيد المسيح فعذبه كثيرا وكان الرب يقويه ويشفيه وبعد ذلك قطع الوالي رأسه المقدسة فنال إكليل الشهادة وأتي أهل بلده وأخذوا جسده الطاهر بإكرام وقد أظهر الله منه آيات عظيمة. صلاته تكون معنا. آمين.
وفي مثل هذا اليوم أيضًا: استشهاد القديس أنطونيوس
وفي مثل هذا اليوم استشهد القديس أنطونيوس (أندونا) ولد ببلدة ببا من أبوين صالحين رحومين ولما سمع بعذاب الشهداء ذهب إلى أنصنا واعترف بالسيد المسيح أمام الوالي فأمر برميه بالنشاب. ولما لم ينله آذى من ذلك أرسله مقيدا مع القديس أبيماخس وشهيدين آخرين إلى الإسكندرية فسجن واليها الثلاثة. أما القديس أنطونيوس فقد صلبه منكسا فلم ينله سوء ولما ضجر من تعذيبه أرسله إلى والي الفرما. فوجد هناك القديس مينا في السجن ففرحا بلقائهما معا وعذب والي الفرما أنطونيوس تارة بتمشيط جسده بأمشاط حديدية وتارة بوضعه في إناء زيت ساخن ولكن الرب كان يقويه ويشفيه وبعد ذلك قطعوا رأسه فنال إكليل الشهادة.
صلاته تكون معنا آمين.
وفي مثل هذا اليوم أيضًا: استشهاد القديس دوماديوس السرياني
وفي مثل هذا اليوم استشهد القديس دوماديوس السرياني. تربي في بلاد الفرس وتعلم علوم الفلك وكان يشتهي أن يكون مسيحيا فاتفق له أن وجد راهبا فارسيا في السوق اسمه أوغالس فعرف منه طريق الله وابتهج جدا حتى أنه كان يعظ أهل بيته ويعلمهم ما يسهل لهم طريق الإيمان. ثم اعتمد وترهب وصار يعمل أعمالا عظيمة فحسده بعض الاخوة فلما شعر بذلك تركهم وذهب إلى دير القديس سرجيوس فأقام هناك عند رجل متوحد عشر سنوات لم يأكل في أثنائها شيئا مطبوخا ثم رسموه شماسا وفيما هو يخدم مع القس المتوحد في الهيكل رأي حمامة بيضاء حسنة المنظر جدا قد أتت وحلت فوق المذبح فظن أنها حمامة طبيعية فكان يشير إليها برأسه وبيده ليطردها خوفا منه علي ما في الكأس وبعد انقضاء القداس سأله القس عن سبب انزعاجه وقت القداس فعرفه بما قد رآه فقال له القس: "إذا رأيتها مرة أخري فقل لي". وفي اليوم التالي صعد إلى المذبح للخدمة كالعادة وعند حلول الوقت الذي رأي فيه الحمامة قال للقس " يا أبي هوذا الحمامة " فالتفت الشيخ ولكنه لم ينظر شيئا فانطرح علي وجهه أمام الرب ببكاء وصلاة ليلا ونهارا وظل علي هذه الحال زمانا حتى استحق أن يري تلك الحمامة وعلم أنها رمز الروح القدس فلم يقل للقديس دوماديوس شيئا لئلا تدخله الكبرياء ولكنه أعلم الأب الأسقف بأمره فرسمه قسا فذاع خبر قداسته حتى بلغ مسامع بطريرك ذلك المكان فأراد زيارته ولما علم القديس بذلك هرب من هناك وأتي إلى كنيسة القديس قزمان حيث أقام بقربها يأكل نبات الأرض زمانا وقد اجري الله علي يديه عجائب كثيرة ولما خرج يوليانوس الملك لمحاربة الفرس اجتاز بمغارة القديس فأعلموه بأمره فأمر برجمه فرجموه هو وتلميذه بحجارة صارت فوق المغارة كتل وبعد سنين أظهر الله جسده فبنيت له كنيسة وقد أظهر عجائبه فيها.
صلاته تكون معنا. آمين.
وفي مثل هذا اليوم أيضًا: نياحة القديس بلامون أب الرهبان
في مثل هذا اليوم من سنة 316 م. تنيح القديس أنبا بلامون السائح. كان سائحا في الجبل الشرقي في بلدة القصر والصياد من أعمال مركز نجع حمادى بمحافظة قنا. وقد تعب الشيطان فيما نصبه لهذا الأب من الشراك فلم يقدر عليه حتى اضطر هذا الشرير أن ينتهز فرصة أخري لينصب له فخاخه ففي أحد الأيام قام رجل الله أنبا بلامون وحمل عمله القليل الذي أعده واتجه نح وريف مصر. وبينما كان يمشي في الطريق وه ويبكي علي خطاياه أضله عد والخير في الجبل فظل سبعة أيام حتى قارب الموت من الجوع والعطش وقد كان الوقت صيفا. وأخيرا وقع علي الأرض مغشيا عليه يطلب الموت. فأراد الله محب البشر أن لا يترك عبده أنبا بلامون يقع فريسة الشيطان فأمره بتركه ولما أدرك الشيخ ذلك صرخ قائلا: "يا ربي يسوع المسيح أعني " وللوقت سمع صوتا يقول له لا تخف فان العد ولا يقدر أن يقوى عليك. قم وامش قليلا إلى القبلي فانك تجد شيخا راهبا صديقا اسمه أنبا تلاصون وه وفي قلعة وأعلمه بكل شيء جري لك من الشيطان وبالخطية العظيمة التي جربك بها في عهد صباك وه ويصلي من أجلك فتغفر لك كل خطاياك حينئذ قام الطوباوي أنبا بلامون وحمل عمل يده القليل وسار في الجبل وه ويتل والمزمور الثالث والخمسين قائلا: الهم باسمك خلصني وبقوتك احكم لي اسمع يارب صلاتي وأنصت إلى كلام فمي فان الغرباء قد قاموا علي وجماعة الأقوياء طلبوا نفسي لم يجعلوا الله أمامهم فهوذا الله معين لي، الرب ناصر نفسي يرد الشر علي أعدائي بحقك استأصلهم فاذبح لك طائع، واعترف لاسمك يارب فانه صالح لأنك من كل حزن نجيتني وبأعدائي نظرت عيناي ثم قال أيضا: يقوم الله يتبدد جميع أعدائه ويهرب مبغضوه من أمام وجهه كما يباد الدخان يبادون، كما يذوب الشمع أمام وجه النار. كذلك تهلك الخطاة أمام الله والصديقون يفرحون يتهللون أمام الله ويتنعمون بالسرور " ولم يفتر عن الصلاة حتى هداه الله إلى مكان الشيخ.
فلما نظره أنبا تلاصون فرح جدا وحياه وأمسكه وأصعده علي الصخرة ثم صليا وجلسا يتحدثان بعظائم الله وقد استقصي منه أنبا تلاصون عن كيفية معرفته الطريق حتى جاء إليه ليفتقده في هذه البرية حينئذ بدأ القديس أنبا بلامون يبكي وسجد قائلا اغفر لي يا أبي الحبيب القديس فقال له أنبا تلاصون: الرب يسوع المسيح يغفر لنا جميعا كل زلاتنا. فأجابه الشيخ البار أنبا بلامون قائلا: إني أستحي أن أعرفك يا أبي القديس العظيم بالخطية الكبرى التي أدركتني من قبل الشيطان ولم أعلم فقال أنبا تلاصون " مكتوب هكذا: اعترفوا بخطاياكم بعضكم لبعض فقال أنبا بلامون: وأنا يا أبى القديس قد صنعت أيضا خطايا عظيمة في صباي والي الآن فإني أخطئ كل يوم من أجل هذا أتيت إليك في هذه البرية اسأل الله بدموع حتى يغفر لي لأنه رؤوف رحيم وأرادته الرحمة لأنه اله محب البشر يستطيع أن يغفر لنا خطايانا وه وإذا غفر الخطية فلا نعود نخطئ مرة أخري. ولما نظر القديس بلامون أن الطوباوي أنبا تلاصون يعزيه بالتوبة تعزي بكلامه وبدأ يقول له: هذا كان مني مرة واحدة وأنا في دير الرهبان أسال الله تعالي أن يغفر لي خطاياي فسمعتهم يقولون في الكتب المقدسة التي هي من نفحات روح الله. ان الوحدة تلد الخوف وأن الله يبغض الاستهزاء والضحك بغير موجب فوضعت في قلبي أن أتوحد في مسكني الصغير ولا أتكلم مع أحد ولا أضحك البتة بل أبكي علي خطاياي الليل والنهار وكان الشيطان في مرات كثيرة يقاتلني ويطيب قلبي بالضحك فلا أسمع منه ولا أشتم البتة وكان يضع أمامي ألعابا مضحكة لكي أضحك فلا أصغي له بل كنت أنحني وأبكي علي خطاياي متمسكا بالخلاص الذي لربنا يسوع المسيح وبقيت أجاهد زمانا طويلا في الأتعاب حتى غضب علي العد ووعندما قمت ذات يوم أحمل عمل يدي وسرت في الجبل لأمضي لأبيعه واشتري قليلا من الخبز وبعدما بعدت عن مسكني قليلا جذبني الشيطان نحوه وللوقت أضل عقلي وانتزع اسم ربي من فمي ولم اعد انطق بالأقوال الإلهية. ورأيت الجبل كله قد تغير في وجهي وصارت الأرض الرملية أرضا سوداء ولما تطلعت أمامي رأيت مدينة جديدة حسنة المباني تحوي بيوتا عظيمة القدر وقصورا فخمة وأبوابا مصفحة تبرق جيدا وكانت تلك المدينة حصينة كأنها مدينة الملك والأشجار والبساتين محيطة بها. ولما شاهدتها تعجبت لهذه المدينة ولعظم كرامتها، ولما انحرفت للدخول فيها قلت لعل أهلها يشترون مني عمل يدي القليل فلما وصلت بجوار أسوارها وجدت ساقية تدور ونظرت امرأة حزينة وجهها مكتئب جدا وثيابها ممزقة ومنديلها يغطي عينيها من أجل الحشمة وهي جالسة علي البئر وتدير الساقية وتسقي الكروم فلما نظرتني جلست وغطت رأسها وقالت: بارك علي يا أبي القديس فأسرعت ووضعت القفف أمامي ثم قالت: اقعد واسترح يا أبي الحبيب لأنك تعبت من حملك وحينئذ أجلستني علي مجري ماء وصارت تأخذ من الماء يكفيها وتسكبه علي رجلي، وتغسلهما كمثل من يأخذ البركة كأنها امرأة إنسان غني. فقلت لها: أيتها المرأة المؤمنة قولي لي إذا أنا دخلت هذه المدينة بعمل يدي هذا القليل فهل أجد من يشتريه مني؟ فقالت: نعم يشترونه منك، ولكن اتركه وأنا أشتريه منك بما أقدر دفعه وأعطيك كل ما تحتاجه لأني كنت متزوجة من إنسان غني ومات من عهد قريب وترك لي مالا كثيرا ومواشي عديدة وها أنت تري هذه الكروم العظيمة أقوم بقطف ثمرها وليس عندي أحد يلاحظها فليتني أجد إنسانا مثلك أسلم له كل مالي ليفعل به ما يشاء. فان قبلت يا أبي القديس أن تأتي وتتسلط علي بيتي وتأخذ كل مالي فأنا أتخذك لي زوجا. أما أنا فقلت لها: إذا تزوج الراهب يلحقه الخزي والعار حينئذ قالت لي المرأة: ان كنت لا تأخذني لك زوجة فكن متوليا علي كل مالي تديره أثناء النهار لأني أملك حقولا وأجرانا ومواشي وكروما وعبيدا وجواري فتقوم بتدبير العمل في النهار وإذا جاء الليل تقوم بتأدية صلواتك " ثم قامت وأصعدتني إلى أعلي دارها وهيأت لي مائدة من جميع الألوان ووضعتها أمامي ثم دخلت حجرتها ولبست ثيابا فاخرة وأتت إلى وعانقتني فدهشت لذلك وتمسكت بقوة الله العلي ورشمت علي نفسي علامة الصليب فانحل كل ما رأيته كالدخان أمام الرياح ولم يبق شيء مما فعلته تلك المرأة.
وفي الحال علمت أن ذلك كله كان من فعل الشيطان اللعين الذي يريد بذلك إسقاطي في الخطية فبكيت بكاء مرا وندمت كثيرا علي ما وقع مني فتحنن علي ربي الكثير الرحمة وأرسل لي ملاكه فعزاني ووعدني بغفران خطاياي وقال لي: امض إلى القديس أنبا تلاصون القريب منك وأعترف له بخطاياك وقد أتيت إليك أيها القديس لكي بصلواتك يغفر الرب لي خطاياي فصلي القديس وقال: يا ولدي الرب يغفر لك ولنا وعند ذلك نزلت لهما مائدة من السماء وأكلا ثم عاد إلى معبده بسلام.
وكان هذا القديس متزايدا في النسك والعبادة مداوما طول أيام حياته علي الصلوات الليلية والنهارية ساهرا الليل الطويل في العبادة التقشفية وقد تتلمذ علي يد هذاالقديس الأنبا باخوميوس أب الشركة الرهبانية.
ونال هذا القديس موهبة الشفاء من الله وكانت الوحوش تأنس إليه فيطعمها بيده وتلحس قدميه وكان يعيش عاريا فأطال الله شعره حتى ستر جسمه كله وكان يصوم أسبوعا أسبوعا ولا يفطر إلا يومي السبت والأحد بنصف خبزه يرسلها له الرب مع الغراب وكان يأكل مرارا من عشب الجبل ويشرب الماء بمكيال وكان رؤوفا رحيما حنونا متشبها بخالقه وكان عندما يحل الليل ينزل من مكان تعبده ويتفقد المساجين والمتضايقين والأيتام والأرامل والمنقطعين والغرباء حسب ما تسمح به قوته من ثمن ما تصنعه يداه من الأعمال.
ولما انتصر قسطنطين الكبير وعادت حملته إلى بلادها بمصر العليا وانطلق الجنود إلى بلادهم وصل القديس باخوميوس بلدة شين وفسكيا وقابل كاهنها وطلب إليه ضمه إلى شعب كنيسته ولما كان باخوميوس وثنيا كوالديه كتب الكاهن اسمه ضمن الموعوظين إلا أن الله تعالي ألهم الكاهن أن يقبله في عداد المؤمنين فأخذه وعمده في يوم خميس الفصح المجيد سنة 301 م. وكان عمره وقتئذ عشرين سنة وكان ينم وفي الفضيلة ومحبة الناس وخدمة المؤمنين حتى ذاعت فضائله فالتف حوله شعب كثير واتخذ قريته موطنا له إلى أن حل وباء في تلك القرية فكان يقوم بخدمتهم ويحضر لهم الحطب من الأماكن المجاورة حتى تحنن الرب ورفع عنه المرض وظل ثلاث سنين يتفقد الأيتام والأرامل ويقضي حاجاتهم حافظا نفسه من دنس العالم.
وبعد ذلك التمس أن يعيش عيشة الزهد والتقشف بعيدا عن العالم فأرشده قس البلدة إلى المتوحد العظيم بلامون وللوقت سلم موضعه لشيخ آخر راهب لكي يهتم بأحوال المساكين وقام ومضي إلى الشيخ بلامون ولما وصل إليه قرع باب قلايته فتطلع إليه الشيخ من الكوة وقال له: من أنت أيها الأخ وماذا تريد؟ فأجابه مسرعا قائلا: أنا أيها الأب المبارك أطلب المسيح الإله الذي أنت تعبده وأرغب إلى أبوتك أن تقبلني إليك وتجعلني راهبا. فقال له بلامون الكبير: يا بني ان الرهبنة ليست من الأعمال المطلقة ولا يأتي إليها الإنسان كيفما اتفق لأن كثيرين قد التجئوا إليها وهم يجهلون أتعابها ولما صاروا فيها لم يستطيعوا الصبر عليها وأنت سمعت عنها دون أن تعرف جهادها.
فأجابه باخوميوس لا ترد سؤالي ورغبتي ولا تطفئ شعلة نشاطي بل اقبلني وتمهل علي وجربني وبعد ذلك افعل بي ما يبد ولك فقال له الشيخ امض يا ولدي وجرب نفسك وحدك وقتا ما ثم ارجع إلينا لأني مستعد أن أتعب معك كمقدار ضعفي حتى تعرف ذاتك وحدك لان نسك الرهبنة يحتاج إلى خشونة وتقشف وأنا أعلمك أولا مقدارها وتمضي بعد ذلك وتجرب نفسك أن كنت تحتمل الآمر أم لا. وقصدي في ذلك قد عرفه ربي أنه علي سبيل تعليمك وتثقيفك وليس لشيء آخر ونحن أيها الابن الحبيب قضينا كثيرا علي ما عرفنا من الدنيا غرورها وحيلها ووصلنا إلى هذا المكان الوحيد والمسكن الفريد وحملنا علي عاتقنا صليب مسيحنا ليس عود الخشب بل تذليل الجسد وقمع شهواته وإماتة قواه ونقضي الليل ساهرين نتل والصلاة ونمجد الله وقد نسهر مرات كثيرة من وقت العشاء إلى الصباح نعمل عملا كثيرا بأيدينا أما حبالا أ وليفا أ وخوصا أ وشعرا لكي نقاتل النوم ونقوم بحاجة أجسادنا وإطعام المساكين حسب قول الرسول: "اذكروا المساكين " وأما أكل الزيت أ والشيء المطبوخ أ وشرب الخمر فلا نعرفه البتة ونحن نصوم إلى المساء في نهار الصيف وفي الشتاء يومين يومين ونفطر علي خبز وملح لا غير ونبعد الملل بذكر الموت وقرب الآجل وندحض بالنسك والاتضاع كل تعاظم وارتفاع ونحرس أنفسنا من الهواجس الرديئة.وبهذا الجهاد النسكى المكمل بمعونة الله جل اسمه نقدم أرواحنا ضحية نقية وذبيحة مرضية ليس دفعة واحدة بل دفعات عديدة،وذلك حسب الجهاد ومقدار ما نبذله فيه لتحققنا ان المواهب الروحية توزع علي قدر الأتعاب الجسدية ذاكرين قول الإله: "ان الذين يقهرون ذاوتهم يختطفون ملكوت السموات".
فلما سمع باخوميوس من بلامون الشيخ هذه الأقوال التي لم يسمع مثلها قبلا تأكد بالروح أكثر وتشجع علي مباشرة الأتعاب ومكابدة الآلام وأجابه قائلا " أنى ثقة بالمسيح الإله أولا وبمؤازرة صلواتك ثانيا أقوي علي تأدية جميع الفروض واصبر معك حتي الممات".
عند ذلك سجد أمامه وقبل يديه فوعظه الشيخ وعرفه بضرورة العمل علي إماتة الجسد وتواضع القلب وانسحاقه وقال له " ان أنت حفظت ما قلته لك ولم ترجع إلى خلف ولم تكن ذا قلبين فأننا نفرح معك " ثم قال له: "أتظن يا بني أن جميع ما ذكرته لك من نسك وصلاة وسهر وخلافه نطلب به مجد البشر، كلا يا ولدى ليس الآمر كذلك. ا وتظن إننا نهدد الناس؟ ليس الآمر كذلك أيضا بل نحن نعرفك بعمل الخلاص لنكون بغير لوم لأنه قد كتب ان كل شيء ظاهر فه ونور،لأنه بضيقات كثيرة ندخل ملكوت السموات. والآن ارجع إلى مسكنك حتى تمتحن نفسك وتجربها أياما،فليس ما تطلبه آمرا هينا " فأجابه باخوميوس "قد أتممت تجربة نفسي في كل شيء، وأنا أرج وبمعونة الله وبصلواتك المقدسة،ان يستريح قلبك من جهتي.فأجابه الشيخ حسنًا. وقبله بفرح ثم تركه عشرة أيام وه ويجربه في الصلاة وفي السهر وفي الصوم وبعد ثلاثة اشهر، لما اختبر صبره واجتهاده وعزيمته، صلى عليه وقص شعره والبسه أسيم الرهبان في سنة 304م، وصار يواظبون على النسك والصلاة، كما ظلا يشتغلان في أوقات الفراغ بغزل الشعر ونسج الملابس وينالان من ذلك الحاجة الضرورية، وما افضل عنهما يقدمانه المساكين. وكانا إذا سهرا وغلبا النوم يخرجان معا خارج قلاليهما ينقلان رملا من مكان لأخر ليتبعا جسديهما ويطردا النوم عنهما. وكان الشيخ يداوم على عظة الشاب وتشجيعه ويقول له: "تشجع يا باخوميوسوليكن تعلقك بالله متوقدا بنار المحبة على الدوام وكن امامه ورعا متواضعا مواظبا على الصلاة بلا ملل، مواصلا السجود بلا كلل. يقظا ساهرا حذرا لئلا يمتحنك المجرب ويحزنك".
وجاء في سيرة القديس باخوميوس المخطوطة بدير البراموس ما يأتي:
" وفي بعض الأيام طرق باب القديس بلامون وباخوميوس أحد الاخوة زائر، وكان ممن قد غلب عليه الكبرياء والاعتداد بالذات فبات عندهما، وفيما هما يتحدثان أقوال الله وأمامهما نار تشتعل، لان الوقت كان شتاء، قال الأخ الضيف لهما: "من منكما له إيمان قوى بالله، فلينهض وليقف على هذا الجمر، ويتل والصلاة التي علمها الرب لتلاميذه.فلما سمع الشيخ ذلك زجره قائلا: "ملعون هو الشيطان النجس الذي ألقي هذا الفكر في قلبك فاكفف عن الكلام " فلم يحفل الأخ بقول الشيخ، ولكنه قال "أنا.أنا.ثم نهض قائما وانتصب على ذلك الجمر المتقد وهو يقول الصلاة الإنجيلية مهلا.مهلا.، وخرج من النار ولم تعمل في جسده شيء البتة. وبعد ذلك مضى إلى مسكنه بكبرياء. فقال باخوميوس للشيخ بلامون: "الرب يعرف إنني تعجبت من هذا الأخ، الذي وقف على الجمر ولم تحترق قدماه". فأجابه الشيخ: "لا تعجب يا بني من هذا، لأنه بلا شك من فعل الشيطان فقد سمح الرب أن لا تحترق قدماه كما هو مكتوب أن الله يرسل للمعوجين طرقا معوجة صدقني يا بني أنك لوكنت تعلم بالعذاب المعد له لكنت تبكي علي شقائه " وبعد أيام قلائل وهوفي كبريائه رأي الشيطان أنه علي استعداد لقبول خداعه فجاء إليه بصورة امرأة جميلة الدلال حلوة المقال متزينة بثياب زاهية وقناعات فاخرة وقرعت بابه ففتح لها حينئذ أسفرت وجهها وقالت له: اعلم أيها الأب الخير أن علي دينا لقوم وهم الآن يطلبونه وأنا في هذا الوقت لا يمكنني وفاؤه وأخشى أن يقبضوا علي عنوة ويأخذوني إلى ديارهم عبدة لهم لأنهم مسافرون فاعمل معي جميلا لا مكث عندك يوما واحدا أ ويومين علي الأكثر لكي أتخلص منهم وتنال من الله جزيل الآجر ومني أنا المسكينة صالح الذكر. أما هو فلأجل عمي بصيرته وكبرياء قلبه لم يحس بالبلاء الذي دبر له فأدخلها إلى قلايته واتكأها علي وسادته. حينئذ امتلأ قلبه من الشهوة نحوها وللوقت باغته الشيطان وصرعه علي الأرض وبقي كالميت يوما وليلة. وبعد ذلك عاوده رشده ورجع إليه عقله فقام وجاء إلى الشيخ بلامون باكيا نادما علي ما حدث وقال: ان سبب هلاكي وعلة مماتي هو أنني لم أصغ إلى ردعك إياي والآن أرجو أن تعاضدني وتؤازرني لأني صرت أسيرا للشيطان برغبتي وعندما كان يعدد هذه الأقوال والشيخ وتلميذه يبكيان لمصابه باغته الروح النجس فمضي إلى الجبل وقطع مسافة بعيدة حتى بلغ مدينة بانوس وبقي تائها فاقد العقل وقتا ما وأخيرا زج بنفسه في أتون متقد فاحترق فيه ولما عرف الأب الكبير ما آل إليه حاله وكيف كانت وفاته حزن جدا وقال: لعلي كمن يجهل هذه الأمور ثم تساءل تلميذه وقال: كيف فعل له سبحانه ما فعل بعد الاعتراف الحسن وطلبه التوبة بندم وخشوع؟ فأجابه الأب قائلا ان الله تبارك اسمه -يسابق علمه- علم أن توبة هذا الأخ لم تكن صادقة فأوقعه فيما فعل.
ولما كان باخوميوس يسعى في البرية عندما كان يصلي ظهر له ملاك مقدس وقال له بأمر الرب يا باخوميوس، عمر ديرا في البقعة التي أنت واقف عليها برجليك حيث سيأتي إليك جمع غفير طالبين الرهبنة فعاد إلى الشيخ وأعلمه بكلام الملاك وعزمه علي تنفيذ إرادة اله فحزن بلامون لمفارقته وقال كيف بعد سبع سنين مكثتها معي بطاعة وخضوع تفارقني عند كبري أني أري أن ذهابي معك أسهل علي من مفارقتك".
فانتقلا إلى قبلي وبلغا طبانسين وشرعا في إقامة دير وذلك في سنة 311 م. وكان عمر باخوميوس وقتئذ ثلاثين سنة. ولما فرغا من إنشاء الدير قال الشيخ بلامون لتلميذه باخوميوس: "أعلم أيها الابن الحبيب والشخص الكريم أن نفسي تنازعني بالعودة إلى قلايتي ومكان توحدي وقد عرفت أن الله قد قلدك تعمير هذا الدير وأنه سينمو ويمتلئ من الرهبان المرضيين لله وأنت عتيد أن تستمد من الله قوة وطول روح علي سياستهم. أما أنا فلقد طعنت في السن وضعفت قوتي وحان وقت انطلاقي وأري أن توحدي هو الأوفق لي. ولكني التمس من بنوتك وأطلب من خالص محبتك أن لا تحرمني من رؤياك من وقت لآخر، وأنا سأقوم بزيارتك إذا سمحت الأيام اليسيرة التي تبقت لي. ثم افترقا بعد أن صليا وصارا يتزاوران، وفي إحدى الزيارات مرض الشيخ بلامون المرض الذي انتقل فيه إلى الرب الذي خدمه منذ نعومة أظفاره فكفنه باخوميوس بعد أن تزود ببركاته.
وتذكر لهذا القديس عجائب كثيرة كما توجد علي اسمه أيضا كنيسة أثرية في بلدة القصر والصياد في دير يحمل اسمه به عدة كنائس غيرها علي اسم القديس مرقوريوس أبي سيفين ويقام له احتفال عظيم في عيده وأخري علي اسم العذراء القديسة مريم والشهيدة دميانه والملاك ميخائيل.
صلاته تكون معنا. ولربنا المجد دائما. آمين.
وفي مثل هذا اليوم أيضًا: استشهاد القديس أباكراجون
في مثل اليوم استشهد القديس أباكراجون من البتانون، كان أولا لصا فاتفق معه شابان علي السرقة فمضوا إلى قلاية راهب فوجدوه ساهرا في الصلاة فانتظروا إلى أن ينتهي من الصلاة ويرقد. ولكنه ظل واقفا يصلي حتى خارت قواهم وجزعوا. وفي الصباح خرج إليهم الشيخ فخروا ساجدين أمامه وألقوا سيوفهم فوعظهم وعلمهم ثم ترهبوا عنده. وتنبأ له الشيخ أنه سينال إكليل الشهادة علي اسم المسيح وقد تم قوله. إذ أنه بعد ست سنوات أثار الشيطان الاضطهاد علي الكنيسة فودع القديس أباه الشيخ الروحي وأخذ بركته ومضي إلى نقيوس واعترف باسم السيد المسيح أمام الوالي المعين من قبل مكسيميانوس قيصر فعذبه كثيرا ثم أخذه معه إلى الإسكندرية وهناك عذبوه إذ علقوه في صاري سفينة خمس دفعات والحبال تتقطع فوضعوه في جوال من جلد وطرحوه في البحر فأخرجه ملاك الرب من الماء وأمره أن يمضي إلى سمنود فمر في طريقه علي بلدة البنوان فعرفه أهلها وكان كل من به مرض يأتي إليه فيشفي بصلاته ولما وصل إلى سمنود أجري الله علي يديه جملة عجائب منها أنه أقام بصلاته أبنه الوزير يسطس من الموت فآمن الوزير وزوجته وكل جنوده ونالوا إكليل الشهادة وكان عددهم تسعمائة خمسة وثلاثين رجلا. أما القديس فأرسلوه إلى الإسكندرية وبعد أن عذبوه بمختلف الأنواع قطعوا رأسه ونال إكليل الشهادة فظهر ملاك الرب لقس من منوف في رؤيا وعرفه عن مكان جسد القديس فأتي وأخذه وبعد انقضاء زمن الاضطهاد بنوا له كنيسة علي اسمه في البتانون ووضعوا جسده بها.
صلاته تكون معنا. آمين.