دينيّة
05 تشرين الأول 2014, 21:00

قديسو اليوم: 6 تشرين الأول

تذكار القديس توما الرسول (بحسب الكنيسة المارونية)توما الملقَّب بالتوأم كان من الجليل نظير سائر الرسل. دعاه الرب فلبَّى الدعوة تاركاً كل شيء. لازم معلمه الالهي مستميتاً في حبه. ولما كان اليهود يطلبون رجم يسوع اظهر توما شدة تعلقه بمعلمه، فقال للتلاميذ اصحابه:" لنذهب نحن أيضاً ونمت معه" ( يوحنا 11: 16). وفي ليلة العشاء السرِّي عندما قال السيد المسيح:"انتم عارفون الى اين اذهب وتعرفون الطريق" ابتدره توما بهذا السؤال:" يا رب، لسنا نعرف الى اين تذهب وكيف نعرف الطريق؟" – اجابه يسوع بهذه الآية الخالدة:" انا الطريق والحق والحياة، لا يأتي أحد الى الآب إلاّ بي"(يوحنا 14: 5 -6).وبعد القيامة قال التلاميذ لتوما: اننا قد رأينا الرب، فقال لهم:" ان لم أعاين أثر المسامير في يديه واضع إصبعي في موضع المسامير واضع يدي في جنبه، لا اؤمن". شكَّ توما وقد يكون الشك سبباً لاظهار الحقيقة. وبعد ثمانية ايام اتى يسوع ووقف في الوسط وقال: السلام لكم. " ثم قال لتوما: هاتِ إصبعك الى ههُنا وعاين يديَّ وهات يدك وضعها في جنبي. ولا تكن غير مؤمن، بل مؤمناً". فانطرح توما على قدمي يسوع وقال:" ربي والهي". فقال له يسوع:" لانك رأيتني، يا توما، آمنت فطوبى للذين لم يروا وآمنوا". (يوحنا 20: 19 – 29).

بهذا الايمان الراسخ قام توما يبشر بالانجيل في اليهودية، نظير الرسل. ثم سار الى الشرق، كما يقول الاباء، والتقى بالمجوس الذين كانوا اتوا الى بيت لحم وسجدوا للطفل الالهي، فعمّدهم وعاونوه في التبشير في بلدانهم. وجاء الرسول الى الحبشة، حيث جعل في اولئك القوم السود الوجوه قلوباً بيضاء بماء المعمودية، كما يقول القديس يوحنا الذهبي الفم.
ثم تابع سيره الى الفرس حتى الهند التي دخلها، كما يقول سمعان متفارستي، يبشر ويعمِّد ويقيم الاساقفة والكهة، ويرد الكثيرين الى الايمان بالمسيح. وبينما كان يصليّ يوماً، هاجمه كهنة الاصنام ورجموه بالحجارة وطعنوه بحربة في عنقه، ففاز باكليل الشهادة في السنة 57 للمسيح. صلاته تكون معنا...

القديس توما الرسول (بحسب الكنيسة السريانية الكاثوليكية)
هو الملقّب بالتوأم من الجليل، صياد سمك، لبّى دعوة الرب بلا تردد، ورافقه وسمع كلامه ورأى عجائبه. لما اعترض الرسل على ذهاب يسوع الى بيت عنيا ليقيم لعازر من الموت وقالوا:"يا معلم الآن كان اليهود يطلبون رجمك وأنت تمضي أيضاً الى هناك" التفت توما الشجاع وقال :"لنذهب نحن أيضاً لنموت معه" (يوحنا 11 :8 و13).
وليلة العشاء السري لما قال فادينا لتلاميذه "واذا انطلقت وأعددت لكم مكاناً آتي وآخذكم إليّ لتكونوا أنتم حيث أكون أنا. أنتم عارفون الى أين أذهب وتعرفون الطريق" ابتدره توما :"يا رب لسنا نعرف الى أين تذهب وكيف نعرف الطريق" فأجابه يسوع بكلام يشع نوراً على توالي الدهور "أنا الطريق والحق والحياة، لا يأتي أحد الى الآب إلا بي" (يو14 : 1 - 7).
اشتهر توما بما حدث له مساء أحد القيامة وفي الأحد الذي بعده، ففي مساء القيامة لم يكن مع الرسل حين ظهر لهم يسوع. فقال له التلاميذ الآخرين :"إننا قد رأينا الرب". فقال لهم :"إن لم أعاين أثر المسامير في يديه وأضع ... لا أؤمن". لكن يسوع الذي مات لأجل توما والبشرية تحمّل عناده ولم يتركه متصلباً... فبعد ثمانية ايام ... "ربي وإلهي"... فقال له يسوع :"لأنك رأيتني يا توما آمنت، طوبى للذين لم يروا فآمنوا". فالله سمح بعدم تصديق توما ليثبتنا نحن في الإيمان ولنُعطى هذه الطوبى (يو20 : 19 - 30).
وظهر يسوع لتوما على ضفاف بحيرة طبريا يصطاد السمك مع بطرس ونثنائيل ويعقوب ويوحنا واثنين آخرين، وأمرهم أن يُلقوا الشبكة من الجانب الأيمن فألقوها فلم يعودوا يقدرون أن يجذبوها من كثرة السمك. وأقام الرب يسوع رسوله بطرس رأساً للكنيسة جمعاء وكان توما حاضراً يسمع ويفهم ويخضع لأوامر الرب وتدبيره.
بدأ توما يبشر بالإنجيل في اليهودية مثل بقية الرسل، وأُهين وضُرب وسُجن، (وأخيراً سار كما يقول الآباء الى بلاد الشرق والتقى بالمجوس وبشرهم فآمنوا واعتمدوا). ثم أرسل أحد التلاميذ الاثنين والسبعين الى أبجر ملك الرها على حسب وعد المخلص للرجال الذين جاؤوا يدعونه لزيارة ذلك الملك. واجتاز من بلاد العرب الى الحبشة "فجعل القوم السود الوجوه قلوباً بيضاء بماء المعمودية" كما قال يوحنا فم الذهب، ومن هناك اجتاز الى بلاد الهند.
أما الرأي الأرجح فهو أن الرسول قضى الشطر الأكبر من حياته في بلاد الهند، دخلها فقيراً طويل الشعر أصفر الوجه ناحل الجسم كأنه شبح يتحرك. وأراد أحد عبدة الأوثان أن يهيّج الشعب على توما فذبح ابنه واتهم الرسول بذلك، فوقف هذا أمام الجثة وعمل عليها إشارة الصليب فقام الولد حيًّا معافى فآمن كثيرون بالرب لرؤيتهم تلك الأعجوبة... وبينما كان توما يصلي يوماً، فاجأه أحد كهنة الأصنام بسهم قتله وانقضّ عليه ومزق جسده بالحجارة ونال إكليل الاستشهاد في سنة 75 للمسيح...

القديس توما الرسول المجيد (بحسب الكنيسة الارثوذكسية)

شخصية توما في الأناجيل:
‏هو أحد تلاميذ الرب يسوع الاثني عشر المقال له التوأم. يعرف في إنجيل يوحنا، بصورة خاصة، من خلال ثلاثة مواقف: الأول، بعدما جاء رسول وأخبر السيد بأن لعازر مريض، أراد السيد أن يذهب إلى اليهودية فاعترضه قائلين: "يا معلم، الآن كان اليهود يطلبون أن يرجموك وتذهب إلى هناك". ( 11 ‏). فقال لهم يسوع: "لعازر حبيبنا... مات، وأنا أفرح لأجلكم أني لم أكن هناك لتؤمنوا. ولكن لنذهب إليه. إذ ذاك أنبرى توما دون سائر التلاميذ ليقول للباقين:" لنذهب نحن أيضا لكي نموت معه". يشير هذا الموقف، فيما يشير، إلى ثلاثة أمور: حمية الرسول في إتباع المسيح أنى تكن المجازفة، واشتياقه إلى معاينة عمل الله، وكونه إنسان قلب لا يرى الأمور بعين العقل بقدر ما يراها بعين الحس والعاطفة. من هنا جوابه العفوي الحماسي هذا.
‏أما الموقف الثاني فنستقرئه مما ورد في الإصحاح 14 ‏من إنجيل يوحنا حيث قال الرب لتلاميذه: ".. في بيت أبي منازل كثيرة.. أنا أمضى لأعدّكم ‏مكاناً... وتعلمون حيث أنا أذهب وتعلمون الطريق". هنا أيضاً انبرى توما ليقول بكل بساطة "يا سيد لسنا نعلم أين تذهب فكيف نقدر أن نعرف الطريق". قال له يسوع: "أنا هو الطريق والحق والحياة". لهذا الموقف أكثر من ميزة. فتوما الرسول، أولاً، إنسان واقعي حسي تعني الأمور لديه ما تشير إليه، أما التأويل في الكلام، أن تقول شيئاً وتريد به شيئاً آخر فلا قبل له به، ولعل توما في هذا الأمر عبراني لا غش فيه. ثم أنه يطلب الفهم ولا يشاء أن يمر كلام السيد غامضاً، مرور الكرام. لذلك يسأل ويستوضح ولا يستحيي. توما، من هذه الزاوية، إنسان من دون عقد. يقاطع المتكلم، وربما يزعج السامعين. لعله يظهر دون الآخرين فهماً، ولعلهم يأخذون عليه بطأه في إدراك الأمور، ولكن، لا بأس. غيره قد لا يكون فاهما ً ويخاف أن يسأل، أما هو فلا يبالي. المهم أن يفهم.
‏أما الموقف الثالث فيتمثل في إصرار الرسول على وضع يده في جنب السيد. ففي الإصحاح 20 ‏من إنجيل يوحنا أن توما كأن غائباً حين جاء يسوع الناهض من بين الأموات إلى حيث كان التلاميذ مجتمعين خوفا من اليهود وأراهم يديه وجنبه وأعطاهم سلامه ونفخ فيهم روحه القدوس. فلما جاء توما وعلم بما جرى اعترض وقال: "إن لم أبصر في يده أثر المسامير وأضع إصبعي في أثر المسامير وأضع يد‏ي في جنبه لا أؤمن". وبعد ثمانية أيام كان التلاميذ مجتمعين وتوما ‏معهم، فجاء يسوع ووقف في الوسط وقال: "سلام لكم. ثم قال لتوما هات إصبعك إلى هنا وأبصر يدي، وهات يدك وضعها في جنبي ولا تكن غير مؤمن بل مؤمنا. أجاب توما وقال له ربي والهي. قال له يسوع "لأنك رأيتني يا توما آمنت. طوبى للذين آمنوا ولم يروا". الرسول، هنا، يتصرف وكأنه عاتب على السيد أنه جاء في غيابه. والسيد فعل ذلك عن قصد، أولاً لأنه كان يعرف شخصية توما التي سبق لنا أن رسمنا بعض ملامحها، وثانياً لأنه أراد أن يبين أنه إذا ما جاء إلى التلاميذ وأراهم يديه وجنبه فهو إياه بلحمه وعظمه وليس خيالا. المسيح هنا يعفي التلاميذ ويعفينا من تجربة المجرب أنه خيال. ثم أن السيد بمحبته الفائقة يخاطب كل واحد بالطريقة التي يفهمها، وطريقة توما أن يعاين. القديسان امبروسيوس وكيرللس والمغبوط أوغسطينوس يقولون في هذا المقام أن الموضوع هو رغبة توما في معاينة السيد أكثر مما هو موضوع شك أو قلة أمانة.
‏وطريقة توما أيضاً أن يلمس إلى أن يمن عليه الرب بنور روحه القدوس. وهذا ما منَّ به على أحبته أخيراً داعيا إياهم إلى معاينة تفوق معاينة اللحم والدم: "طوبى للذين آمنوا ولم يروا". توما الذي أبدى عناداً يكاد يكون صبيانياً هو إياه من أنكسر إلى آخر حدود الانكسار عندما عاين مجد الله وهو أيضاً أول من سجد وخاطب يسوع بالفم الملآن هكذا: "ربي والهي".
‏في ضوء هذه الملامح في شخصية توما الرسول، تطالعنا خدمة هذا اليوم بما يمثله توما في حياة