دينيّة
24 تشرين الثاني 2022, 08:00

قدّيسة اليوم... كاترينا الكلّيّة الحكمة

ريتا كرم
هي من جميلات ونبيلات الإسكندريّة، لها في العلوم الكلاسيكيّة والطّبيعيّة والفلسفة والبلاغة والشّعر واللّغات معرفة كبيرة، تفوّقت في ذكائها فتمكّنت من حلّ أصعب المسائل الذّهنيّة وأكثرها تعقيدًا وغموضًا وهي لم تتخطّ العشرين من العمر. رفضت الزّواج بحجّة أنّها لن ترتبط برجل ما لم يساوها نبلاً وعلمًا. هي القدّيسة كاترينا الكلّيّة الحكمة، قدّيسة اليوم.

 

احتارت والدتها المسيحيّة بأمر ابنتها فاستعانت بناسك قدّيس عرّف كاترينا على الرّجل الّذي تصبو إليه: "الابن والكلمة الأزليّ للآب، وقد صار إنسانًا لأجل خلاصنا. هو أيضًا يلتمس العروس، وعروسه النّفس البتول ولا يرضى عن النّفس البتول بديلاً." قال لها النّاسك ذلك وصرفها. فعادت الأخيرة إلى بيتها وفي قلبها فرح عظيم، وفي نفسها شوق كبير للقاء الختن.

وإذا بها في اللّيلة نفسها ترى يسوع ومريم، لكن يسوع أبى أن ينظر إليها لأنّها لا تزال ملوّثة بالخطيئة. فعادت في اليوم التّالي إلى النّاسك مضطربة، فعلّمها أسرار الإيمان ونالت سرّ العماد؛ وظهر لها يسوع وأمّه مرّة جديدة، قائلاً: "ها هي الآن كاترينا مشرقة، جميلة، غنيّة ومزدانة بالحكمة والحقّ. الآن أقبلها عروسًا نقيّة!"، وألبستها العذراء خاتمًا موصية إيّاها ألّا يكون لها أيّ عريس آخر على الأرض.

هذه العروس الممتلئة حكمة رفضت عبادة الأوثان الّتي فرضها الإمبراطور مكسيميانوس على كلّ أهل المدينة تحت طائلة التّعذيب والموت، فوقفت أمامه بجسارة وجرأة، وفاضت من شفتيها الحكم المدعومة بالبراهين والشّواهد فذَهُل لأقوالها الحكماء والفقهاء والفلاسفة الحاضرين حتّى أنّها أقنعتهم فأعلنوا إيمانهم بالمسيح وأمر الإمبراطور بإلقائهم في النّار، في حين تعلّق في هوى الفتاة الشّابة إذ كان مستعدًّا أن يغضّ الطّرف عن إيمانها في حال تجاوبها معه، غير أنّ رفضها الزّواج به جعله يأمر جنوده بجلدها وزجّها في السّجن.

سمعت الإمبراطورة بقصّة كاترينا فتعاطفت معها وزارتها برفقة الضّابط برفيريوس وبعض الجنود الّذين سكنتهم نعمة الله فور اللّقاء فنالوا نصيبهم من سخط الإمبراطور وقُطعت هاماتهم.

تحوّل عشق الإمبراطور، بعد محاولات عديدة فاشلة، إلى حقد فأنزل بها حكم الإعدام، وقطع الجلّاد رأسها، ووجد نسّاك رفاتها على قمّة جبل سيناء في أوائل القرن الثّامن للميلاد، حيث شُيّد دير على اسمها.

هي إذًا، كاترينا عروس المسيح، الشّهيدة المفعمة بروح الله الّتي واجهت الموت بشجاعة، فلبست إكليل الظّفر، وصارت من العظيمات في الشّهادة، قدّيسة كلّيّة الحكمة.