في لبنان.. الغابات تغيب
أخبار اندلاع النّيران قد تمرّ على مسامعنا مرورًا خجولًا لا نبادله الإهتمام والمبالاة، إلّا أنّه يجدر بهذه الأخبار أن تحتلّ مراتب أولويّاتنا الأولى. فالسّياسة الخاطئة تتبدّل بشكل مستمرّ، تُصحَّح بقرارات بسيطة، بتوقيع صغير، بـ"شخطة" قلم واحدة، في حين أنّ احتراق الخضار اللّبنانيّ يساوي فقدان ثروة باهظة الثّمن يصعب استرجاعها على المدى المنظور.
في مناسبة نهاية أسبوعها، تذكير أنّ الغابات اللّبنانيّة تحتضر. هي تصرخ بآهات موجعة، تئنّ ألمًا وعذابًا، تستنجد المساعدة والحماية. هي عرضة سهلة للزّوال وفريسة شهيّة تلتهمها أنياب النّار الكاسرة.
بكفّ قاضٍ توقع النّيران الأشجار، بقبضات ثابتة تقتلع جذورها، بساعدين قاتلين تلفّ أعناقها لتخنقها بلا رحمة، بيدين ملطّختين تحملها بعيدًا وترميها في الزّوال الحتميّ حيث رماد الموت وغياب الحياة.
"لبنان الأخضر" في طريقه صوب "لبنان الأفقر"، أفقر خضارًا ونظافة وحماية وجمالاً، خضارٌ يذهب خضِرًا ولا من يعوّض الخسارة.
بعد أن تقلّصت المساحات الخضراء إلى نسبة 3%، في إحصاءات غير مُستحدثة بعد موجة الحرائق الأخيرة، حان الأوان أن يستفيق اللّبنانيّون والمسؤولون والمعنيّون من نوم عميق يهمل موضوع الغابات اللّبنانيّة، نوم ناتج عن حريقٍ في ضمائرهم لم ينطفئ بعد.