في زمن الصّعوبات هذا، أطلبوا رحمة الآب
نحن سريعو الغضب وقليلو الإحسان. ننفعل فلا نعود نرى بوضوح، فتلفّنا غمامة سوداء وتصبح الرّؤيا لدينا شبه معدومة، وتضحي نفوسنا كفوهة بركان تنتظر شرارة لتنفجر وتخلّف وراءها أضرارًا وأضرار، وكم هم كثيرون ضحايا ذاك الدّمار!
الضّحيّة الأولى هي "نحن"، فكلّ حقد يدخل إلى قلبنا لا يولّد إلّا شرًّا، ولا يبني إلّا حواجز- الحاجز تلو الآخر- بحيث يصبح من الصّعب علينا أن نتواصل مع أنفسنا، فننقطع حتّى عن داخلنا، ويذبل القلب الّذي كانت ترويه ماء الحياة وتغذّيه كلمة الله؛ فلسبب ما فار غضبنا فحكمنا على نفسنا بالإعدام.
الضّحيّة الثّانية هي "الآخر" الّذي تصيبه شظايانا بلا رحمة، فتقتله كلماتنا لأنّنا نسلّط أنفسنا ديّانين عليه، وتختفي منّا الرّأفة والعطف والحنان.
ووسط الـ"نحن" و"الآخر" يأتي الآب الّذي يطرد من قلوبنا القساوة ويصوّب أنظارنا باتّجاهه فيعيد إليها البصيرة ويزرع بداخله الرّحمة المرجوّة، ولكن المطلوب أن نستجيب لذاك التّدخّل ونوكل إليه كلّ ما تزعزع ونثق بأنّه قادر على كلّ شيء. وما أن يتدخّل يفعل، ونثمر ثمرًا يليق بنا كأبناء الله.