دينيّة
11 تشرين الثاني 2016, 06:30

في ختام يوبيل "الرّحمة".. ماذا حقّقتَ؟

ريتا كرم
أيّام قليلة وتختتم الكنيسة الكاثوليكيّة سنة اليوبيل الاستثنائيّ للرّحمة الإلهيّة، في عيد يسوع الملك في 20 ت2/ نوفمبر بحسب الرّزنامة اللّاتينيّة، لتفتتح فصلاً جديدًا من الإيمان المشهود له ليس فقط بالقول والوعظ وإنّما بالفعل والتّطبيق، في سنة مقدّسة يعلنها الحبر الأعظم كهديّة سماويّة تتيح لنا كأبناء الله أن نعاين وجه يسوع ونختبر محبّته.

 

ولكن قبل أن يمضي هذا اليوبيل، لا بدّ من وقفة، في موسم الحصاد هذا، أمام الثّمار الّذي أتاه الزّرع في الأشهر الأخيرة من حياتنا: فهل كانت لنا، خلال هذه السّنة، بصمات حوّلتنا إلى علامة في حياة الآخرين وأداة لبّت حاجة مادّيّة لديهم، عبر أعمال رحمة سمّاها البابا فرنسيس أعمالاً "جسديّة" والّتي في ظاهرها صغيرة هي ولكن بنظر الرّبّ قيمتها كبيرة؟! أو هل خطونا قدمًا في مسيرة السّماء على الأرض، وكانت الأعمال الرّوحيّة نصب أعيننا في كلّ لحظة، فساهمنا في "ثورة ثقافيّة حقيقيّة" على مثال من أطلق هذا اليوبيل وعرف كيف يعكس وجه يسوع المسيح ويعتني بإخوته الصّغار ويحمل إلى كلّ منهم حنان الله وقربه؟ ونعني

البابا فرنسيس الّذي قرّر أن يلتفت إلى الآخر في كلّ يوم، وبخاصّة في "جمعة الرّحمة"، فكفكف- خلال زياراته إلى من همّشتهم الظّروف وفرض عليهم المجتمع قيودًا- دموعهم، عانقهم معانقة الأب لابنه، وملأهم حنانًا افتقدوه لسنين طويلة، ربّما ما ذاقوه منذ أن ولدوا. أصغى إلى وجعهم وصلّى معهم إلى حامل خطايا العالم ليرحمهم. لقد كان حاضرًا معهم بالجسد والفكر. هو أعلى سلطة في الكنيسة الكاثوليكيّة حضر ليكون "الكبير الخادم" على مثال يسوعه. هو ألغى العقليّة السّائدة في عصرنا الحاضر والّتي قال البابا القدّيس يوحنّا بولس الثّاني عنها سابقًا أنّها "تبدو ربّما أشدّ رفضًا لرحمة الله من عقليّة الأجيال السّالفة؛ لا بل إنّها تسعى إلى القضاء على فكرة الرّحمة واستئصالها من قلب الإنسان. وإنّ لفظة الرّحمة بما لها من مفهوم تبدو وكأنّها تزعج الإنسان الّذي أصبح اليوم أكثر منه في غابر الأيّام سيّدًا أخضع الأرض وتسلّط عليها بفضل ما أحرز من تقدّم عظيم، لم يُعرف من ذي قبل، في حقل العلوم والتّقنيّة. ولم تترك هذه السّيادة على الأرض المسلّم بها أحياناً من جهة واحدة تسليماً سطحيًّا، مجالاً على ما يبدو، للرّحمة."

إذًا، قبل أن يغلق البابا في 20 ت2/ نوفمبر الباب المقدّس، لنستغلّ الفرصة ما دامت سانحة لنا فنقطف من شجرة الرّحمة ثمرة على الأقلّ، ثمرة تغذّي قلوبنا وتسمح لنا أن نعي أنّ الله "إلى الأبد رحمته"، وأنّه لا يحدّها لا زمان ولا مكان، ولا تنهي مفاعيلها تواريخ.